الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من اليهود من قال عزير ابن الله

السؤال

قرأت على الإنترنت بعض الشبهات عن الإسلام، ولا أجد لها جواباً. ففي سورة التوبة: الآية 30 (وقالت اليهود عزير ابن الله) واليهود يدعون أنهم لم يقولوا إن عزيرًا ابن الله، وكذلك يدعي النصارى؟
أرجو منكم إزالة هذه الشبهة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:

فإن الصراع بين الحق والباطل صراع قديم، ودائماً ما يلقي أعداء الحق الشبهات في طريق سالكيه، ومهما علا الباطل، فإن حجته داحضة، وهو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.

وقد تعرض الرسل ورسالاتهم إلى اتهامات وتلفيقات لتفريق أتباعهم عنهم وزعزعة الإيمان في قلوبهم، وكان النصيب الأوفر من تلك الاتهامات قد وجهت سهامها إلى الإسلام، واجتمع أعداؤه عليه وتوحدت صفوفهم للنيل منه.

وحاولوا في هجومهم على الدين إلباس باطلهم ثوب العلم حتى تبدو أمام من قلَّت بضاعتهم العلمية من المسلمين وغيرهم أنها نتيجة بحث علمي وأنها حقيقة واقعة.

ومن هذه الشبهات ما أورده الأخ السائل في سؤاله. فقوله تعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ {التوبة: 30}، ومبعث هذه الشبه أنهم يقولون إن اليهود لم يقولوا هذا، وقد ذكر القرطبي في المسألة الثانية في تفسيره لهذه الآية: قال: هَذَا ‌لَفْظٌ ‌خَرَجَ ‌عَلَى ‌الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ، لِأَنَّ لَيْسَ كُلُّ الْيَهُودِ قَالُوا ذَلِكَ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تعالى:" الَّذِينَ قالَ لَهُمُ الناس [آل عمران: 173]. اهـ.

وقيل: إن من كان يقولها كانوا في زمان وقد انقضوا، وهذا متوجه للذم إليهم لأن بعضهم قد قاله: قال النقاش: لم يبق يهودي يقولها بل انقرضوا، فإذا قالها واحد فيتوجه أن تلزم الجماعة شنعة المقالة، لأجل نباهة القائل فيهم، وأقوال النبهاء أبدا مشهورة في الناس يحتج بها، فمن هنا صح أن تقول الجماعة قول نبيهها. اهـ.

والقول في هذا مثله القول في النصارى، فإن النصارى طوائف منهم من يقول إن المسيح هو الله، ومنهم من يقول إنه ابن الله ومنهم من يقول إنه ثالث ثلاثة، قال تعالى: وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ {التوبة: 30}، أي طائفة منهم، وقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ {المائدة: 17}. وقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ {المائدة: 73}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني