الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع ترك الزواج لمن لم يجد فتاة تلبس النقاب؟

السؤال

سؤالي هو عن حكم ترك الزواج في حالتي هل هو حرام أم مكروه أم مأجور عليه أم ماذا؟
لأنني بفضل الله ملتزم، وأسعى إلى الزواج من امرأة منتقبة تستر بدنها كله، ولكن تسعون بالمائة من النساء والرجال في بلدي -إن لم يكن كلهم- يعتقدون أن المرأة لا تأثم إذا كشفت وجهها؛ لذلك أغلب النساء في بلدي تكشف وجهها وكفيها، بل هناك نساء ملتزمات يصلين ويقرأن القرآن ويكشفن وجوههن، ولو كن شابات جميلات، ويعتقدن أن النقاب أو ستر المرأة بدنها كله مستحب وليس بواجب، وأن الواجب هو ستر المرأة بدنها ماعدا الوجه والكفين، وبناء على هذا الاعتقاد اعتاد الرجال على الزواج من الكاشفات لوجوههن.
وهكذا مع أقاربي، وهكذا مع والديّ وإخواني، ففي أقاربي كلهم الذين قد يصل عددهم إلى المئات والله لا أعلم منهن امرأة منتقبة إلا امرأتين! واحدة ابنة خالتي، وأخرى من أقارب والدي، وهما متزوجتان، وقد سمعت أن أقارب زوج ابنة خالتي المنتقبة (أبواه وإخوانه) أظهروا استياءهم من نقاب زوجته إلى درجة أنها تركت النقاب أمام إخوانه، فأصبحت تستر وجهها أمام الأجانب إلا أمام إخوة زوجها. أما أنا فأعتقد أنه إن لم يكن النقاب واجب على النساء عموما فعلى الأقل المرأة الشابة الجميلة(التي أريدها زوجة) لا بد لها من النقاب فمن هذا الاعتقاد ربما واجب علي أن أبحث عن المرأة الملتزمة والمنتقبة للزواج، ولكن أخشى الانتقادات من الوالدين والإخوان والأهل، وأتوقع هذا، فإذا وقع هذا قد يفقدني حلاوة الزواج، وقد يذهب عني حلاوة الإيمان، وقد ينقص إيماني. أما إذا تزوجت امرأة تكشف وجهها وكفيها وملتزمة، فأظن أن الأمر سيكون عاديا بالنسبة لهم. بعد هذا فكرت في ترك الزواج حتى لا أكون عاصيا لله أو ديوثاً، ولا أدخل عليّ الحزن وعلى العائلة (لأن هذا سيشعرهم بانعزالي عنهم) فبماذا تنصحونني؟
هل أترك الزواج لتجنب المشقة النفسية التي أتوقعها(علماً أني لا أخشى على نفسي الفواحش ولا أفعل الاستمناء والحمد لله)أم أتزوج امرأة ملتزمة وغير منقبة لأكمل نصف ديني وَأُرْزَقَ ذرية صالحة مسلمة؟
وجزاكم الله خيراً، وسامحوني على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيرا على استقامتك على الحق، ونسأله تعالى أن يزيدك إيمانا وهدى وتقى، ويرزقنا وإياك حسن الختام واجتناب الآثام، ويوفقك إلى الزواج من امرأة صالحة.
ونوصيك بكثرة الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى بتضرع وخشوع، عسى أن يحقق لك ما تصبو إليه، فما خاب من رجاه سبحانه وتعالى.
وسبق بيان حكم الزواج، وأنه تعتريه الأحكام التكليفية، فيمكن مطالعة الفتوى: 66879. ومنها تعلم أن من كان في مثل حالك لا يجب عليه الزواج، ولكنه يستحب في حقه. ولا تترك الزواج لمجرد كونك لم تجد فتاة تلبس النقاب، بل بادر إليه، فإن وجدت منتقبة فبها ونعمت، وإن لم تجد فيكفي أن تجد دينة خيرة تعينك على أمر دينك، وعسى أن تتمكن في المستقبل من إقناعها بلبس النقاب، فإن لم تلبسه فالمسألة اجتهادية والخلاف فيها قوي، وإذا كانت مقلدة لمن يرى الاستحباب فلا يلزمها العمل بقول من قال بالوجوب، وراجع فتوانا: 7897. ففيهما بيان بعض المصالح الدنيوية والأخروية للزواج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني