الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل للزوجة الرجوع بإنفاقها على زوجها المعسر إذا أيسر

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل سكوت المرأة عن حقها في النفقة الزوجية نتيجة لحالة زوجها المادية يسقط حقها فيها؟ وهل يحق لها أن تطالبه بها إذا أرادت بمعنى أن تسترد ما سبق من نفقة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلف الفقهاء في نفقة الزوجة المعسر زوجها، فذهب المالكية إلى أنه ليس للزوجة أن ترجع على زوجها المعسر بما أنفقته على نفسها حال إعساره. قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل عند قوله: "وسقطت للعسر": يعني أن واجبات الزوجة من نفقة وما معها تسقط عن الزوج بإعساره، أي في زمنه فقط، وسواء دخل بها أم لا، لقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق: 7]. وهذا معسر لم يؤته شيئا، فلا يكلف بشيء. إذا سقطت فأنفقت على نفسها شيئا في زمن إعساره، فإنها لا ترجع عليه بشيء من ذلك، لأنها ساقطة عنه في هذه الحالة، وتحمل على التبرع، وسواء كان في حال الإنفاق حاضرا أو غائبا، والمراد بالسقوط: عدم اللزوم لانتفاء تكليفه حين العسر. اهـ. وذهب الشافعية والحنابلة والحنفية إلى أنها يجوز لها أن ترجع عليه بما أنفقت. قال ابن قدامة في كتابه "المغني": وتكون النفقة دينا في ذمته. اهـ. إلا أن الشافعية يرون أنها ترجع عليه بما أنفقت سوى المسكن. قال زكريا الأنصاري في "منهج الطلاب" : فإن صبرت زوجته بها كأن أنفقت على نفسها من مالها، فغير السكن دين عليه، فلا يسقط بمضي الزمن، بخلاف السكن، لما مر أنه إمتاع. اهـ. قال الشلبي في حاشيته على "تبيين الحقائق" : نفقة الزوجة جارية مجرى الديون، ولهذا تجب مع الإعسار. اهـ. والذي نراه أوفق لقواعد الشريعة العامة، وأكثر حفظا للحقوق، وأفضل لسير الحياة الزوجية على منهاج قويم، هو القول بأن للزوجة الرجوع على زوجها المعسر بنفقتها حال إعساره إذا أيسر فيما بعد، وهو قول الأئمة الثلاثة كما ذكرنا، علما بأن تنازل الزوجة عن ذلك فيه إيناس للزوج واستمالة لقلبه، كما أنه أرجى لدوام الحياة الزوجية. قال تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة: 237]. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني