الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغبن في الاستصناع عند الحنابلة

السؤال

هل 8% يعتبر غبنًا في عقد استصناع مقاولة بالمواد؟ وهل يجوز للمغبون الطلب بعد توقيع العقد بأربع سنوات، وانتهاء العقد بسنتين وفق المذهب الحنبلي؟ وأسأل الله لكم التوفيق، والسداد، وأن يعظم لكم الأجر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقولك: "عقد استصناع مقاوله بالمواد" محتمل، ولم يتبين لنا حقيقة المعاملة، ولا يمكننا فرض احتمالات قد لا يكون لها وجود في الواقع؛ لأن المقاولة على المواد، قد تكون إجارة محضة، وقد تكون استصناعًا، وفق ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم: 129 (1/14) بشأن موضوع عقد المقاولة والتعمير:

(1) عقد المقاولة: عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئًا، أو يؤدي عملًا مقابل بدل يتعهد به الطرف الآخر، وهو عقد جائز، سواء قدم المقاول العمل والمادة، وهو المسمى عند الفقهاء: الاستصناع، أو قدم المقاول العمل، وهو المسمى عند الفقهاء: بالإجارة على العمل.

(2) إذا قدم المقاول المادة والعمل، فينطبق على العقد قرار المجمع رقم: 65 (3/7) بشأن موضوع الاستصناع. وقد نقلناه في الفتوى: 115760.

ثم إن فقهاء الحنابلة المتقدمين الذين سألت عن رأيهم في الغبن في الاستصناع، لا يقولون بعقد الاستصناع، وإنما تكلموا في الغبن في البيع من حيث الإجمال، وقد نصوا على أن من تسرع وكان بإمكانه التثبت، أو كان خبيرًا بالأسعار، فإنه لا خيار له في الغبن حينئذ، جاء في كشاف القناع، وهو من كتب الحنابلة: وأما من له خبرة بسعر المبيع، ويدخل على بصيرة بالغبن, ومن غبن لاستعجاله في البيع, ولو توقف فيه ولم يستعجل، لم يغبن, فلا خيار لهما؛ لعدم التغرير. اهـ.

وفي شرح الزركشي على مختصر الخرقي من كتب الحنابلة أيضًا: أما إن كان عالمًا بالقيمة، فإنه لا خيار له، وإن غبن، قاله القاضي، وغيره، ولأن ذلك الغبن، حصل بعجلته، وعدم تأمله عادة. اهـ.

مع التنبيه على أن الضابط لديهم في الغبن الذي يثبت به الخيار، أن تراعى فيه العادة؛ ولذا قال ابن قدامة في المغني: ولم يقدر الخرقي الغبن المثبت للخيار، وينبغي أن يتقيد بما يخرج عن العادة؛ لأن ما دون ذلك، لا ينضبط. اهـ.

وقال الزركشي في شرحه لمختصر الخرقي: والمذهب المنصوص أيضًا عدم تحديد الغبن، وإناطته بما لا يتغابن بمثله... وقدّره أبو بكر، وابن أبي موسى بالثلث، وبعض الأصحاب بالسدس. اهـ.

وعند حصول النزاع ينبغي الرجوع إلى المحاكم الشرعية للفصل فيه، وإعطاء كل ذي حق حقه؛ وحينئذ يمكن لمدعي الغبن بيان سبب ذلك، وينظر القضاء هل ما ذكره يوجب له حقًّا أو لا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني