الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحميل الغريم أرباح البنك بسبب المماطلة في التسديد

السؤال

أخذت قرضًا من بنك الراجحي لأجل التجارة، أنا وصديق لي يعمل في تجارة الملابس، وأخذ هو 25 ألفًا، وأنا أخذت 10 آلاف، على أن يتم السداد 566 دينارًا، لمدة 8 سنوات، ويدفع هو أول 5 سنوات، وأنا آخر 3 سنوات، وهو في البداية أخذ حصته كاملة، وأخذ حصتي بصيغة مرابحة، وأنا اشتريت بها بضاعة، وبعتها له بقيمة 12 ألفًا، على أن يتم السداد خلال عام.
وفي أول موعد سداد لم يلتزم بالموعد، ولم يدفع القسط الأول، وبقي يماطل لمدة 10 أشهر دون أن يدفع أي شيء من المبلغ، والتزم بدفع 566 دينارًا.
بعد هذا اكتشفنا أنه كان متورطًا في ديون، فقد أخذ البضاعة كاملة، وباعها، وقضى بها ديونه، بالإضافة إلى حصته من المبلغ، ولم يبق معه أي شيء من هذه المبالغ.
وهو الآن ملتزم بدفع قسط البنك 566 لمدة سنتين تقريبًا، ثم تعثر في السداد لمدة سنة، وحتى الآن لم يدفع أي شيء من حصتي بالمبلغ، واضطررت لدفع قسط البنك منذ سنة حتى الآن، وكامل المبلغ معه -حصتي وحصته-، ولم أستفد منها أي شيء، فهل يحق لي أن أعتبر كل المبلغ دينًا عليه؟ فأنا لم آخذ منه شيئًا؛ فقد أخذ المبلغ كاملًا، واستفاد منه؛ وبناء عليه، فهو يتحمل أرباح البنك، ولست أنا، وهل يجوز لي أن أطالب الكفلاء بدفع هذه المبالغ بالقانون؟ علمًا أنهم لم يدفعوا شيئًا حتى الآن، ويرفضون دفع أي مبلغ عنه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقولك: (هل يحق لي أن أعتبر كل هذا المبلغ دينًا عليه؟ فأنا لم آخذ منه شيئًا؛ فقد أخذ المبلغ كاملًا، واستفاد منه؛ وبناء عليه، فهو يتحمل أرباح البنك، ولست أنا):

فجوابه: أنه ليس لك ذلك، وإنما عليه حصته، وربحها يسددها للبنك، وعليك حصتك، وربحها تسدده للبنك.

وعلى صاحبك كذلك أن يسدد إليك الدين الذي لك عليه.

وأما تحميله الأرباح التي للبنك عليك، فهذا لا يجوز، ولا تبيحه مماطلته لك، أو تعثره في سداد دينه للبنك، أو دينك الذي عليه، وإخلاله بمقتضى الالتزام بينكما.

لكن يلزمه شرعًا الوفاء بمقتضى العقود؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم، فيما أحل. رواه الطبراني.

ولا يجوز له المماطلة في أداء الحقوق، إن كان موسرًا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. رواه أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، وصححه الألباني.

وإن كان معسرًا، فيجب عليك إنظاره إلى ميسرة، كما في قوله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}.

ولا يجوز أن تلزمه بتحمل أرباح البنك التي تخصك، كما ذكرنا، أو تلزمه بزيادة على ما تطالبه به حقيقة؛ بسبب تأخره في السداد.

وأما مطالبة الكفلاء بسداد الدين، فلا حرج فيه، وينظر فيه الفتويين: 94926، 96014.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني