الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذم الإسراف في حفلات الزواج وتحريم المنكرات فيها

السؤال

أنا شاب من العراق مقيم في أوروبا، خطبت فتاة من العراق، وحصل بيننا قبول كبير، وتم عقد النكاح، والحمد لله، وتم الاتفاق بين العائلتين على أمور الزواج من تجهيز وشراء الأثاث، بعد العقد رجعت إلى أوروبا على أساس أن أم الزوج وأم الزوجة يشترون الحاجات المطلوبة، أم الزوج تبحث عن الأمور التي سعرها مناسب بدون مبالغة(مع التشدد في بعض الأحوال)، وأم الزوجة تريد البذخ وشراء أغلى الحاجات تقديرا لابنتها حسب قولها، ولإظهار مكانة ابنتها أمام المجتمع، وبدأت الفتاة تدعي بأنها عروسة، ويجب تنفيذ طلباتها بدون نقاش.
سؤالي الأول: هل هذا صحيح؟ وهل لا يحق للزوج أو أهله التدخل في الاختيار؟ علما أن التدخل كان فقط في اختيار الشيء، وليس في شرائه أو عدمه.
سؤالي الثاني: الآن بدأت أم الزوجة ترفض أن يتم الجماع والدخول قبل شراء بيت مستقل للزوجة، علما أنه تم الاتفاق على أن الزوجة تسكن في بيت زوجها مع والدته في فترات بقائها بالعراق، وفي أوربا له بيته المستقل بكل الأحوال، أم الزوجة تتحجج بأن الزوج وعد بشراء بيت مستقل، وقد تم فعلا، لكن لم يتم الاتفاق على شراء البيت كشرط للزواج، ولم يتم تحديد فترة للشراء، والزوج لا يزال متمسك بوعده، وينوي شراء عقار مستقل، لكن بتروٍ لغرض شراء العقار المناسب.
كما أن أم الزوجة طلبت حفلة زفاف بما يكون فيها من غناء ومعازف واختلاط، كما هو معروف في مجتمعاتنا، ووافقت لغرض أن أتم الزواج لا غير، وأبتغي المغفرة من ربي، لكن الآن تطلب حفلة باذخة في أندية مكلفة للتباهي، وتطلب حفلات أخرى، وأنا أخاف أن أحاسب على التبذير وصرف المال في الحرام. الزوجة موافقة على شروط الزوج، لكن تخاف أن تعصي والدتها؛ خوفا من العقوق، وتطالب بطلبات أمها لإرضائها. والآن لا تسمح لها أمها بالقدوم لزوجها، وتهددها بالمقاطعة والعقوق.
أرجو النصيحة. بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلنبدأ بالكلام عمن يلزمه تجهيز بيت الزوجية، وهذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء، وسبق بيان أقوالهم في الفتوى: 142635. والذي نميل إليه هو ما ذهب إليه الجمهور من أن ذلك واجب على الزوج، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى: 226819.

والواجب على الزوج جهاز يليق بحال الزوجة، ويرجع عند النزاع فيه إلى العرف؛ كما هو مبين في الفتوى: 149301.

وينبغي أن تجتنب المغالاة فيه، والمباهاة، والمفاخرة، فالإسراف مذموم؛ كما قال تعالى: وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف:31}.

وقد حث الشرع على التيسير في أمر الزواج، وبين أنه من أسباب البركة فيه. والمشاورة فيه بين الطرفين، أو أوليائهما أمر حسن، ولكنها لا تلزم.

ويلزم الزوج مسكن مستقل يتناسب مع حال الزوجة اشترط ذلك عند الزواج أم لم يشترط، كما سبق وأن بينا ذلك في الفتوى 66191.

ولا يشترط أن يكون البيت ملكا له، فلا بأس بأن يكون موقوفا أو مستأجرا ونحو ذلك، قال الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: ولا يشترط في المسكن كونه ملكه قطعًا، بل يجوز إسكانها في موقوف، ومستأجر، ومستعار. اهـ.

ولا يحق لأهل الزوجة تأخير الدخول إلا لأمر معتبر شرعا، وقد سبق بيان بعض الضوابط المتعلقة بهذا الجانب في الفتوى 307510.

ولا تجوز موافقة الأم في إقامة حفل فيه شيء من المنكرات من الاختلاط ونحوه، وإرضاء الأم في مثل هذا فيه مخالفة للشرع، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ولا ينبغي أيضا موافقتها في إقامة حفلات فيها بذخ ونحو ذلك.

ومثل هذه الخلافات في بداية مشوار الزوج قد تكون لها عواقبها الخطيرة، وقد تؤذن بفشل الزواج، فينبغي الحزم في الأمر، وخاصة من قبل ولي المرأة بحيث يستطيع تجاوز هذه الرغبات غير الشرعية وغير المقبولة التي تطلبها أم الزوجة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني