الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مريضة بالسكري وعليها قضاء أيام من عدة رمضانات

السؤال

أنا مقيمة في هولندا، ومريضة سكر، ولم أستطع صيام ستين يوما من رمضان مقسمة هكذا: ثلاثون يوما من رمضان ٢٠١٧، وخمسة عشر يوما من رمضان ٢٠١٨، وخمسة عشر يوما من رمضان ٢٠١٩. وذلك بسبب الحمل والرضاعة. والآن قد أوقفت الرضاعة. فهل يجب عليَّ قضاء ما أفطرته قبل رمضان القادم؟
مع العلم أن السكر لديَّ غير مستقر. أم يجوز إخراج كفارة؟ وهل يجوز إخراج كفارة الفطر في بلد آخر؟ وبأيِّ قيمة أحسب المبلغ؟ على حسب البلد المقيمة فيه؟ أم في البلد الذي أنوي الإخراج فيه؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فبخصوص ما ذكرت من عدم استقرار السكري عندك، من المعلوم أن مرض السكري، وإن كان مرضاً مزمناً إلا أنه أنواع، فمنه ما يشق معه الصوم على المريض ويضر به، ومنه ما لا يشق معه الصوم, وقد سبق أن بينا في الفتوى: 9854. أن مرضى السكري ينقسمون إلى ثلاث فئات، منهم من يجوز له الفطر، ومنهم من يلزمه الصيام، فإذا أخبرك الطبيب الثقة أنه لا يخشى عليك الضرر من الصيام، ولا يشق عليك الصيام المشقة المانعة من الصوم، فيجب عليك قضاء الخمسة عشر يوما من رمضان المصادف ل 2019 قبل دخول شهر رمضان القادم حتى لا تلزمك الفدية عنها.

وأما بالنسبة للمدتين اللتين لم تستطيعي صيامها من رمضان المصادف ل 2017 و 2018 فيجب عليك قضاؤهما أيضا، ويلزمك أن تنظري في كل مدة من المدتين، فإذا كنت قد أخرت قضاءها بغير عذر حتى دخل رمضان الذي بعدها، فيلزمك قضاؤها، ويلزمك مع القضاء فدية عن كل يوم على مذهب الجمهور، وانظري الفتوى: 19829.

وأما إن أخرت الصيام لعذر كسفر أو مرض ونحوهما من الأعذار المبيحة للفطر، فلا يجب عليه إلا القضاء، ولا فدية عليك لأنك معذورة.

قال ابن قدامة في المغني: فإن أخره لغير عذر حتى أدركه رمضانات أو أكثر لم يكن عليه أكثر من فدية مع القضاء؛ لأن كثرة التأخير لا يزداد بها الواجب، كما لو أخر الحج الواجب سنين لم يكن عليه أكثر من فعله. انتهى.

وأما إن أخبرك الطبيب الثقة أنه يُخشَى عليك الضرر من الصيام، أو كان يشق عليك مشقة غير محتملة، فلا يجب عليه صيام تلك المدد كلها، والواجب عليك إطعام مسكين عن كل يوم مد طعام من غالب قوت البلد. لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184}.

والمد يساوي 750 غراماً تقريباً من الأرز وغيره، مما يعد طعاماً يقتات به على حسب اختلاف العادات والأعراف.

وعلى هذا؛ فيلزمك ستون مداً عن ستين يوما، ويجوز دفع هذه الأمداد إلى مسكين واحد، أو عدة مساكين، ولك أن تدفعي ذلك بنفسك إن كان في بلدك الذي تقيمين فيه مساكين، أو توكلي غيرك في دفعها في بلد آخر، والأولى والأحوط أن تخرجي الأمداد بذاتها لأن ذلك هو الأصل، وإن كان الأصلح للمساكين والأنفع لهم إعطاء قيمة الأمداد فلا حرج، ويرجع حينئذ في قيمتها إلى سوق البلد الذي تدفع فيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني