الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يكفر من يترك قضاء الفوائت كسلا مع اعتقاده بوجوب قضائها؟

السؤال

أنا شخص كنت أترك الصلاة في كثير من الأحيان، وأرى أنه يجب عليّ القضاء، أرى أنه واجب فقهيا، ولست مترددا في هذا.
ولكني كسول، لا أنوى قضاء أي شيء كسلا. فهل أكون بذلك كافرا؟
من فضلكم أجيبوني بدقة، خصوصا أني أرى أنه واجب.
فهل يكفر من ترك القضاء وهو يرى وجوبه؟
ورأيت أن عندكم في الفتوى: 122448: الحد الذي به يحكم بالكفر على تارك الصلاة كسلا.
هـ- التصريح بعدم العزم على قضاء ما ترك. اهـ.
فهل هذا البند ينطبق على من لا يُريد قضاء ما ترك كسلا، إن كان يرى الوجوب؟
أرجو إفادتي بأسرع وقت ممكن.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي نفتي به هو قول جمهور أهل العلم من أن تارك الصلاة كسلا، لا يكفر كفرا ناقلا عن الملة، وانظر الفتاوى: 130853، 162523، 294145، 283498.

وأما الفتوى: 122448، فلم تكن ترجيحا لقول من قال بكفره، وإنما كانت لبيان حد الترك الذي يُكفَّر به عند من يقول بكفره. وهذا واضح جدا لمن قرأ سؤالها، فصاحبه لم يكن يسأل عن حكم تارك الصلاة، وإنما كان يسأل عن الضابط في ترك الإنسان للصلاة؟

وعلى قول الجمهور الذي نرجحه، فليس هناك محل لسؤال السائل، وكذلك على قول كثير من القائلين بكفر تارك الصلاة كسلا، الذين يفرقون بين من يترك بالكلية، وبين من يصلي ويترك، فكيف بمن كان آخر أحواله المواظبة على الصلاة، وبقي عليه قضاء الفوائت؟!

هذا مع مراعاة اختلاف أهل العلم أصلا في وجوب قضاء الفوائت بالنسبة لمن ترك الصلاة عمدا! وهي مسألة كبيرة طال فيها الجدال بين العلماء، وهي من المضايق كما قال الشوكاني -رحمه الله- وانظر الفتوى: 128781.

وأما من حيث وجود من يُكفِّر بمثل ما ذكره السائل، وهو ترك أداء الصلاة مع عدم نية قضائها فهو موجود، ولكنه قول مرجوح حتى على قول من يكفر تارك الصلاة كسلا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة: فأما من يترك الصلاة بعض الأوقات، لا يقضيها ولا ينوي قضاءها، أو يخل ببعض فرائضها ولا يقضيها، ولا ينوي قضاءها، فمقتضى ما ذكره كثير من أصحابنا أنه يكفر بذلك، فإن دعي إليها وامتنع حكم عليه بالكفر الظاهر، وإلا لحقه حكم الكفر الباطن بذلك، ثم إذا صلى الأخرى صار مؤمنا كما دل على ذلك قوله: "من ترك صلاة العصر متعمدا؛ حبط عمله" وقوله: "من ترك الصلاة عمدا؛ فقد برئت منه الذمة" ولا يلزم ذلك أحكام الكفر في حقه كالمنافقين. والأشبه في مثل هذا أنه لا يكفر بالباطن أيضا، حتى يعزم على تركها بالكلية، كما لم يكفر في تأخيرها عن وقتها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني