الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرد على شبهة تيسير وسهولة أمور غير المحجبات

السؤال

سؤالي: كيف أرد على ابنتي في سؤالها الصعب. قالت لي: لماذا البنات غير المحجبات كل شيء سهل جدا لهن؛ الوظائف والزواج.
في الشركات يفضلون غير المحجبات للعمل، ويأخذن كل الفرص الكبيرة في الشركات الكبيرة والبنوك والمؤسسات الكبيرة.
وموضوع الزواج، للأسف البنات غير المحجبات يتزوجن بمنتهى السهولة، ويتزوجن شبابا على أعلى مستوى، وإمكانيات عالية أكثر من البنات المحجبات.
أعرف أن كل شيء نصيب، وكل شيء بمشيئة الله طبعا، ولكن الذي يحدث في الواقع الحالي يجعل الناس تتساءل.
أرجو الرد من خلال الواقع والحقائق الملموسة، وليس الردود المعروفة والمحفوظة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت بعض المجتمعات تسهّل الوظائف لغير المحجبات؛ فهذا انحراف ناتج عن رقة الديانة وفساد الأخلاق، وليس هذا تكريماً لغير المحجبات، أو رفعاً لشأنهن، أو تيسيراً للحياة الكريمة لهنّ؛ ولكنّه في حقيقته إهانة لكرامتهن وتعريض لهنّ للابتذال، فبعض هذه الوظائف تراد فيها غير المحجبات جلباً للزبائن، وترويجاً للسلع والخدمات، وبعضها تراد فيها غير المحجبات رغبة في التحرر في بيئة العمل من ضوابط الشرع، وقيود الأخلاق، والعادات الحميدة.

ومع أنّ المشاهد في كثير من المجتمعات الإسلامية أنّ الرجال -حتى ضعيفي التدين منهم- في الغالب يميلون إلى اختيار الزوجة المحجبة صيانة لعرضهم، مع ذلك، فإنّه إذا فرض أنّ الغالب على الرجال في بعض المجتمعات اختيار غير المحجبات للزواج، فهذه ليست كرامة لهن، ولا فضيلة في حقّهن، فالزوج الذي يرضى بغير المحجبة، بل يفضلها على المحجبة؛ ليس بالرجل الذي تغتبط به المرأة في دنياها قبل دينها، فمثل هذا ضعيف الغيرة على أهله، رقيق الديانة، فأي حظّ للمرأة معه في دينها أو دنياها؟
ثمّ إنّه على فرض أنّ غير المحجبة أمورها متيسرة في الدنيا من بعض الوجوه؛ فهذا عند أهل الإيمان ليس مزهداً في الحجاب، أو مرغباً في السفور.
فالمؤمن يطيع ربّه ويأتمر بأمره وينتهي بنهيه؛ طلباً لرضا ربه، واتقاءً لغضبه وعقابه، ورغبة في ثوابه في الآخرة، فالدنيا دار عمل لا دار جزاء، والآخرة هي دار الحساب والجزاء، والله تعالى حليم لا يعاجل العاصي بالعقوبة، بل قد يفتح عليه الدنيا استدراجا.

ففي مسند أحمد عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ، فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ " ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44]

وللفائدة راجع الفتوى: 63625. والفتوى: 351706.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني