الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لمن تتكرر منه الذنوب ولا يقوى على مقاومة الشهوات

السؤال

شكرًا لكم على هذا الموقع المبارك المفيد.
أنا شاب ملتزم، محافظ على صلاتي، وأصلي في الصف الأول قدر الإمكان، ولي ورد من القرآن حفظًا وقراءة، ومحافظ على الأذكار، وطلب العلم، وأحاول التقرب من الله دائمًا، ولديّ مشكلة دمّرت حياتي، وعلى وشك إبعادي عن الله، ألا وهي إدمان الإباحية، والاستمناء.
أعلم أنكم أجبتم عن هذا الموضوع مئات المرات، ولكن أرجو منكم أن تجيبوا عن سؤالي، فقد قرأت مئات المقالات، والإجابات، واستمعت إلى مئات الدروس الدينية، والعلمية المتخصصة في هذا الموضوع.
وضعت أكثر من برامج حجب، وقلّلت استخدامي للإنترنت جدًّا، وأدخلت عادات جديدة في حياتي من قراءة، ورياضة، وما إلى ذلك.
وفعلت كل ما أستطيع لأبتعد عن هذه القاذورات، ولكني بعد أسبوع أو أكثر أو أقل، أقع مرة أخرى في هذا السلوك.
وأشهد الله أني أصبحت أكره هذا الفعل، ولا أجد فيه لذة كبيرة.
ودائمًا -بفضل الله- أتوب، وأندم، وأرجع إلى الله باكيًا، وأدعوه أن يغفر لي، ولكن الأمر أصبح يسوء أكثر وأكثر.
قديمًا كنت أفعل هذا الذنب وأنا غافل عن نظر الله لي، لكني الآن أصبحت أعصيه وأنا أعلم أنه يراني، ولكني لا أستطيع أن أتوقف، وأحيانًا قليلة أبتعد، ولكنها أصبحت نادرة.
ربما الآن أتذكّر آيات نظر الله لعباده، ولكني ما زلت أشاهد.
ربما أتذكّر الموت، وسوء الخاتمة، ولكني أستمرّ في المشاهدة.
أتذكّر الأحاديث، والآيات عن عذاب الله للعصاة، ولا أستطيع إغلاق تلك المواقع.
أصبحت أشعر بالنفاق، ثم أُبعِد عني هذه الفكرة، وأقول: إنها من الشيطان.
وأتذكّر آيات رحمة الله، وأنه يغفر للمسرفين؛ فأتوب إلى الله عما أفعل، وعن فعلي كبيرة عصياني لربي وأنا أعلم أنه يراني.
لا أعلم ماذا أفعل، فمجرد تذكّر أني أعصيه وأنا أعلم أنه يراني، يجعلني أكره نفسي بشدّة، وأتعجب منها.
والله إني أحبّه، ولا أريد أن أعصيه، وأريد التقرّب منه أكثر.
ولا أريد أن أموت على معصية، وأدعوه دائمًا أن يغفر لي خطيئتي، وإسرافي على نفسي، وأن يرزقني حسن الخاتمة.
والله إني أتعجّب من حالي، وكيف أني أعصيه وأنا أعلم أنه يراني، فماذا أفعل؟
أرشدوني بالله عليكم قبل أن أبتعد عن ربي، فدائمًا ما أسمع أن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات، وأنا لا أريد أن أنتكس.
آسف على الإطالة في سؤالي، وأرجو أن تقولوا لي: ماذا أفعل لأزيد إيماني؛ لأقوى على محاربة هذا الإدمان؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فعليك -أيها الأخ الكريم- أن تبادر بالتوبة النصوح، وكلما عدت للذنب، فعد للتوبة.

ولا تيأس، ولا تملّ من تكرار التوبة؛ فإن الله يغفر للعبد ما استغفره، وتاب إليه.

وأحسن ظنك بالله، وجاهد نفسك مجاهدة صادقة على ترك تلك المعاصي؛ فإن الله تعالى يعين من جاهد نفسه فيه، ويأخذ بناصيته إليه؛ مصداق قوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.

ويعينك على ذلك: أن تكثر الفكرة فيما تفكّر فيه من اطلاع الله عليك، وإحاطته بك، ونظره إليك.

وتكثر التفكّر كذلك في الموت، وما بعده من الأهوال العظام، والخطوب الجسام.

وكلما تفكرت في ذلك، قبُح الذنب في عينك، وسهل عليك تركه -بإذن الله-.

والزم الدعاء؛ فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلّبها كيف شاء.

ومن أهم ما يعينك على الترك: صحبة الصالحين، وترك صحبة الكسالى والبطالين، ولزوم حلق العلم، ومجالس الذكر، وكثرة قراءة القرآن بالتدبر، والتفكر، وسماع المحاضرات النافعة المقربة إلى الله تعالى، المحذرة من تلك المعاصي.

ثم الهدى هدى الله، فنسأله سبحانه أن يهديك بهداه، وأن يصرف عنك السوء، والفحشاء، وأن يجعلك من عباده المخلصين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني