الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم فصل مال الولد عن مال أبيه وعدم إعطائه منه

السؤال

هل يجوز أن أفصل مالي عن أبي، ولا أعطيه المال؟ علما بأني أسكن في داره، وأعمل خارج البلد، وأريد أن أدخر المال لأبني لي بيتا؛ لكثرة المشاكل بين زوجتي ووالدي، وتهديده الدائم بطردي من المنزل عند الخلافات.
والآن زوجتي عند والدتها، وذهبت مرة للشقة، فوجدت الباب قد حُطِّم، وأبي اشترى للباب مفتاحا آخر، والمفتاح معه حاليا وحده، وداخلها أغراضي أنا وزوجتي؟
علما بأني أعمل في الخارج من 11 سنة، وكنت أرسل له كل راتبي إلا من سنة واحدة فقط، لم أرسل كامل المبلغ. والآن لم أرسل شيئا من بضعة أشهر بعد ما علمت ما حدث.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز أن تفصل مالك عن مال أبيك، ولا يجب عليك أن تعطيه شيئاً من مالك، ما دام عنده ما يكفيه، ولا حرج عليك في الانتقال إلى مسكن آخر مع زوجتك، وراجع الفتوى: 165457.

لكن عليك برّ أبيك، والإحسان إليه بما تقدر عليه، وبما لا يضرّك أو يضرّ زوجتك. فبرّ الوالد ليس محصوراً في الإقامة معه، أو دفع المال إليه، ولكنه باب واسع يشمل كل ما فيه الحرص على نفعه، وكف الأذى عنه.

جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ إيصَالُ مَا أَمْكَنَ مِن الْخَيْرِ، وَدَفْعُ مَا أَمْكَنَ مِن الشَّرِّ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ. اهـ
وبر الوالدين من أعظم أسباب رضوان الله، ودخول الجنة، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنه- قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع هذا الباب أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري –رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني