الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من لم يؤمن برسالة نبينا محمد وكان مؤمنًا إيمانًا صحيحًا بمن قبله من الأنبياء

السؤال

أعرف أن النصارى أصبحوا على ٧٢ ملّة، ولا صحة إلا لملة واحدة منها، فلو افترضنا أن هناك من آمن برسالة سيدنا عيسى -عليه السلام- إيمانًا صحيحًا، وكان موجودًا في زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يؤمن برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، فهل يصحّ لي أن أقول عنه: إنه كافر أم لا؟ أشكركم على جهودكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيصحّ أن يطلق لفظ الكافر على من لم يؤمن برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولو افترضنا أنه مؤمن إيمانًا صحيحًا بمن قبله من الأنبياء؛ فقد جاء النصّ القاطع من القرآن، ومن السنة، والإجماع بكفر النصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، أو أشركوا مع الله غيره، أو جحدوا بنبوة نبي من الأنبياء.

وأن من دان بغير الإسلام، فهو كافر، ودِينه مردود عليه، وهو في الآخرة من الخاسرين، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85}، وقال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ {آل عمران:19}، وقال تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ {آل عمران:70}، وقال: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ {آل عمران:98}، وقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ {المائدة:72}، وقال تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {التوبة:31}، وقال تعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ {البينة:1}، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا {النساء:150-151}.

وبخصوص قوله تعالى: أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا. فقوله سبحانه: حقًّا، مصدر مؤكد يفيد الجزم بكفرهم، فقد جاء في تفسير البيضاوي: أولئك هم الكافرون، هم الكاملون في الكفر، لا عبرة بإيمانهم هذا.

حقًّا: مصدر مؤكد لغيره، أو صفة لمصدر الكافرين، بمعنى: هم الذين كفروا كفرًا حقًّا، أي يقينًا محققًا. اهـ.

ولمزيد الفائدة، انظر الفتويين: 293044، 3670.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني