الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من مزح كاذبًا فترتب عليه ضرر بالغ لأمّه وأخواته

السؤال

أنا في مصيبة، وأرجو الرد عليّ في أسرع وقت.
أنا أعمل في أمريكا بعيدًا عن أهلي، وقبل ثلاث ليال كنت أتكلم مع أمي وأخواتي عبر الواتساب -اتصال فيديو-، وكنا نمزح ونضحك، وفي آخر الاتصال سألتي أمّي عن أحوالي، وعن كورونا، علمًا أنها قد حلفت عليّ ألا أخرج من البيت مطلقًا، فأطعتها، وقلت لها مازحًا في المكالمة: إني أصبت بكورونا، وكنت أمزح فقط، وكررتها مرات، وبعدها انتهى الرصيد، وانقطع الخط، وطرحت الهاتف، ولم يكن في رأسي شيء.
وعندما استيقظت في الصباح، وجدت عشرات الاتصالات والرسائل، وعندما اتصلت بهم وجدت أمّي تبكي وأخواتي، ولم ينمن تلك الليلة، والصدمة الكبرى أن لي أختًا كبيرة، متزوجة، وعندها مرض القلب، وأخبروها الخبر، فأغمي عليها، وهي الآن في المستشفى في غيبوبة، فصدمت، ويعلم الله أني كنت أمزح لا أكثر.
حلفت لأمّي أني أمزح، وهي لا تريد أن تصدّق، وأخواتي في حزن منذ أيام، ويظنون أني أخفي عنهم المرض، وأنا سليم -والحمد لله-، علمًا أن أبي متوفى، وأنا الابن الوحيد في العائلة.
أمّي وأخواتي يدعون لي، ويظنّون أني مريض، وأنا بخير.
وقد سألت مؤذن حيِّنا، فقال لي: النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح، وهذا شيء طبيعي، وقال: إنه كان مرة في السوق، وأمسك صحابيًّا من الخلف، وذكر لي قصصًا أخرى، لكني في شك من أمري ومصدوم، فهل ما فعلته حرام؟ وإن كان حرامًا، فما كفارته؟ وإذا ماتت أختي -لا قدر الله-، فهل أكون السبب؟ علمًا أنها ضعيفة القلب، وكيف أقنعهم أني كنت أمزح فقط، وهم يظنون أني أخفي عنهم المرض؟ وهل أنا عاقّ لأمي؛ لأنها تبكي، ومصدومة؟ وهل تكتب عليّ سيئات؟ وهل آثم بحزن أخواتي؟
أنا في كآبة، فقد أفطرت اليوم، ولم أصلّ الفجر، ولا الظهر، ولا العصر، وصليت المغرب دون خشوع؛ فأنا منهار.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أخطأت خطأ عظيمًا، ويخشى أن يكون هذا من العقوق، فكذبك هذا قد تسبب عنه ضرر بالغ لأهلك وذويك، فعليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحًا مما وقع منك، والنبي صلوات الله عليه كان يمزح، ولكنه لم يكن يقول إلا حقًّا.

وعليك أن تجتهد في إزالة أثر هذا الفزع الذي سببته لوالدتك، وإخوتك، بأن تحلف لهم، وتجعل أصدقاءك يؤكّدون لهم أنك بخير، ولا تعالج تلك المعصية بأكبر منها، فتترك الصلاة، أو تفطر عمدًا في نهار رمضان -والعياذ بالله-، فتقع في كبائر الذنوب، بل أكّد لهم أنك بخير وكفى.

وحاول أن تكلّم أختك المريضة؛ لئلا يصيبها مكروه، وتؤكّد لها أنك بخير.

وإن أمكنك أن تكلمهم عن طريق الفيديو ليروك، ويتأكدوا من سلامتك، فافعل -هداك الله، وأصلح حالك-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني