الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز لمن اغتصبت الإجهاض وترقيع غشاء البكارة؟

السؤال

صديقتي تدرس في الجامعة، وتقضي أيام الدراسة في الإقامة الجامعية، وهناك شاب يدرس معها يضايقها دائمًا، ويقول: إنه يحبها، ويريد أن يتقدم لخطبتها من أهلها، وهي ترفضه لسوء دِينه وخلقه، واستمر على هذه الحالة فترة طويلة، وهي ترفض، فخدّرها الظالم، وأخذها لمكان بعيد، واغتصبها، وعندما أفاقت قال لها: الآن ضمنت أنك لي، ولن تكوني لغيري، وسآتي لخطبتك، وحقًّا أتى ورفضته، وعند عودة البنت إلى بيتها أخبرت والدتها بما حدث معها، فأخذتها إلى الطبيبة لفحص غشاء البكارة، فوجدته سليمًا، وقالت الطبيبة: مع ذلك يمكن حدوث الحمل؛ لأن الغشاء مطاطي، وحقًّا حدث الحمل -ولا حول ولا قوة إلا بالله-، وعمر الجنين الآن يقارب الثمانين يومًا، والبنت تخاف أن تفعل شيئًا يغضب الله عليها، وتقول: إن كان محرمًا إسقاطه، فسأبقيه، ولو على حياتي، بعكس والدتها التي لا تبالي بالحرام، وتقول لها: بعد رمضان نسقطه، فهل يجوز إجهاضه؟ وإن كان جائزًا، فما حكم رتق الغشاء بعده؟ نرجو سرعة الإجابة -جزاكم الله خير الجزاء-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا الشاب على ما ذكر من كونه غير مرضي الدِّين والخلق، فقد أحسنت هذ الفتاة حين رفضت خطبته؛ لأن الشرع قد ندب إلى اختيار صاحب الدِّين والخلق، كما في حديث الترمذي، وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دِينه وخلقه، فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

وإن صح ما ذكر من كونه قد اختطفها واغتصبها، فهذا جرم عظيم، وهو يؤكد أنه ليس أهلًا لأن يقبل زوجًا.

وأما الإجهاض فإنه لا يجوز في أي مرحلة من مراحل الجنين، على ما نرجحه من أقوال الفقهاء، وسبق بيان ذلك في الفتوى 143889، وقد أوضحنا فيها أقوال الفقهاء في حكم إسقاط الجنين قبل تخلقه، وأن من أهل العلم من أباح إسقاطه للعذر.

وبناء عليه؛ فإن كان هنالك عذر حقيقي، فنرجو أن لا بأس في الترخص بهذا القول، فالأخذ بالرخصة في المسائل الاجتهادية جائز؛ دفعًا للحرج، كما بين أهل العلم، وراجعي فتوانا: 134759.

وأما بخصوص السؤال عن رتق غشاء البكارة:

فإن فضت بكارتها، فالأصل أن ترقيع غشاء البكارة لا يجوز؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد شرعية، ذكرنا طرفًا منها، وذلك في الفتوى: 5047.

ولكن إن غلب على الظن أن يلحق هذه الفتاة ضرر عظيم إن لم تفعل؛ كالأذى الشديد، أو القتل، فلا حرج - إن شاء الله - في رتق الغشاء، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى: 49021.

وننبه إلى تأكيد أن تكون المرأة على حذر من أسباب الاختطاف والاغتصاب؛ بأن تكون على حذر من أن تسير في مكان منفردة عن الناس، ونحو ذلك، مما قد يكون سببًا في إغراء السفهاء بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني