الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعتبر من قام الليل بسورة الإخلاص من المقنطرين؟

السؤال

أريد السؤال عن قيام الليل، وهل يعتبر من قام الليل بسورة الإخلاص من المقنطرين؟ لأنها تعدل ثلث القرآن، والمقنطرون يقومون الليل بألف آية. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ثبت الترغيب في قراءة سورة الإخلاص, وأنها تعدل ثواب ثلث القرآن, لكن من قام بها لا يعتبر قد قام بألف آية.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فإذا قرأ الإنسان قل هو الله أحد: حصل له ثوابٌ بقدر ثواب ثلث القرآن، لكن لا يجب أن يكون الثواب من جنس الثواب الحاصل ببقية القرآن، بل قد يحتاج إلى جنس الثواب الحاصل بالأمر والنهي والقصص، فلا تسد قل هو الله أحد مسد ذلك، ولا تقوم مقامه.

فالمعارف التي تحصل بقراءة سائر القرآن، لا تحصل بمجرد قراءة هذه السورة، فيكون من قرأ القرآن كله أفضل ممن قرأها ثلاث مرات من هذه الجهة لتنوع الثواب، وإن كان قارئ قل هو الله أحد ثلاثاً يحصل له ثواب بقدر ذلك الثواب، لكنه جنس واحد ليس فيه الأنواع التي يحتاج إليها العبد، كمن معه ثلاثة آلاف دينار، وآخر معه طعام، ولباس، ومساكن، ونقد يعدل ثلاثة آلاف دينار، فإن هذا معه ما ينتفع به في جميع أموره، وذاك محتاج إلى ما مع هذا، وإن كان ما معه يعدل ما مع هذا، وكذلك لو كان معه طعام من أشرف الطعام يساوي ثلاثة آلاف دينار، فإنه محتاج إلى لباس، ومساكن، وما يدفع به الضرر من السلاح والأدوية، وغير ذلك مما لا يحصل بمجرد الطعام. اهـ

وفي فتاوى نورعلى الدرب للشيخ ابن عثيمين:

السؤال: سورة الإخلاص يقال أنها تعدل ثلث القرآن، فهل صحيح هذا؟ وأن من يقرؤها ثلاث مرات كأنه قرأ القرآن كله؟

الجواب: الشيخ: صحيح أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في صحيح البخاري وغيره، ولكن ليس معنى المعادلة أنها تجزئ عن القرآن، فإن المعادلة قد لا تكون مجزئة. وانظر إلى ما ثبت به الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن قول لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. عشر مرات تعدل عتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل، ومع ذلك لو قال الإنسان هذا الذكر مائة مرة لم يجزئه عن العتق رقبة في كفارة. فالمعادلة -معادلة الشيء بالشيء- لا تقتضي إجزاء الشيء عن الشيء، فنحن نقول كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن». لكننا نقول: إن قراءتها لا تجزئ عن قراءة القرآن، بل لا بد من هذا وهذا. ولذلك لو أن الإنسان قرأها في صلاته ثلاث مرات، ولم يقرأ الفاتحة ما صحت صلاته، ولو كانت تجزئ عن القرآن لقلنا أنك إذا قرأتها ثلاث مرات في الصلاة أجزأتك عن الفاتحة، ولا قائل بذلك من أهل العلم. اهـ

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 134865.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني