الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التجسس على الأب للإنكار عليه

السؤال

كان أبي في زمن قديم يطعن في الدِّين، وبدأ في رمضان هذا الصلاةَ -والحمد لله-، لكن كان يغلب على ظني أنه يفطر عمدًا في وقت معين، وذات يوم تبعته في ذلك الوقت في البيت فأدركته وهو في نهاية المضغ، فلم أقل شيئًا، فالتفت وانصرف، ثم بعد ذلك ذهبت إليه ولم أخبره أني رأيته، لكن في شكل درس علمي أشرت إلى عظم إثم الفطر عمدًا في رمضان، وما يلزم من قضاء، وفي تلك الفترة ساء خلقي قليلًا معه، كأني لم أدرِ هل يجب عليّ أن أريه أني لا أرضى أم يجب أن أتلطف أكثر، فبقيت في حيرة وكأني لا أدري هل كان البيان كافيًا، أم لا بد من أن أقول له مباشرة: إني رأيتك تأكل وأنصحه، فقررت أن أنصحه؛ فأنكر عليّ، وغضب، وقال: إني أكذب مع أني متيقن، فقلت له: نعم إذا أخطأت .. ولا أريد أن أزيد وأقول: أنت الكاذب، فهل اتّباعي له عند ظهور القرائن البينة كان صوابًا أم أخطأت بنية تغيير المنكر؟ وهل بيان الحكم وعدم النصح المباشر كان كافيًا، أم إن النصح المباشر وإخباري أني رأيته كان لا بدّ منه لإسقاط الواجب؟ علمًا أني ظننت أنه سيقبل نصيحتي ولا يكذب، وعندما قال لي: كذبت، ثم أقررت أني مخطئ فهل يعد كذبًا مني؟ علمًا أني متيقن أنه أكل، وماذا يجب عليّ في هذه الحالة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أخطأت بالتجسس على أبيك، والتماس عثرته، وقد كان عليك أن تحسن الظنّ به، وتحمل أمره على السلامة؛ لأنهّا الأصل في المسلم.

وعليه؛ فاعترافك له بأنّك أخطأت، ليس من الكذب.

وبيان الحكم الشرعي كافٍ، لكن سوء خلقك معه؛ محرم، فحق الوالد على ولده عظيم، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ليس كأمر ونهي غيره، فلا بدّ أن يكون بأدب، ورفق من غير إغلاظ، ولا إساءة، قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ، بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. انتهى من الآداب الشرعية.

والواجب عليك أن تبرّ أباك، وتحسن إليه.

ومن أعظم أنواع البرّ: أن تعينه على التوبة والاستقامة على طاعة الله.

ونعتذر عن الجواب عن سؤالك الآخر، حيث إنّ سياسة الموقع أن يكون كل سؤال على حدة، فإذا ذكر السائل عدة أسئلة، فيجاب عن واحد منها فقط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني