الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: "فجاء رجل أدلم.." وصفات سيدنا عمر بن الخطاب الخَلْقية

السؤال

أريد منكم أن تشرحوا لي حديثًا رواه أحمد عن الأسود بن سريع، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني قد حمدت ربي تبارك وتعالى بمحامد ومدح وإياك، قال: هات ما حمدت به ربك عز وجل، قال فجعلت أنشده، فجاء رجل أدلم، فاستأذن، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم بين بين، قال: فتكلم ساعة، ثم خرج، قال فجعلت أنشده، قال: ثم جاء فاستأذن، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم بين بين، ففعل ذاك مرتين أو ثلاثًا، قال: قلت: يا رسول الله، من هذا الذي استنصتني له؟ قال عمر بن الخطاب: هذا رجل لا يحب الباطل. هل يفهم منه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان أسود اللون؟
.."

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث قد أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وضعفه الألباني، والأرناؤوط.

وأما شرح الحديث: فقد جاء في حاشية السندي على مسند الإمام أحمد: قوله: (بِمَحَامِدَ وَمِدَحٍ) بكسر ففتح (وَإِيَّاكَ) عطف على ربي (أُنْشِدُهُ) من الإنشاد (أَدْلَمُ) أسود طويل (بَيِّنْ بَيِّنْ) أي: اقطع بين بين، أو اجعله بين بين، أي: بيني وبينك، لا يسمع هذا الجائي، قيل: ولعله تصحيف (بَسْ بَسْ) بفتح باء وسكون سين: صوت يستعمل للإسكات (اسْتَنْصَتَّنِي) على صيغة الخطاب، من الاستنصات، بمعنى: طلب السكوت (لَا يُحِبُّ الْبَاطِلَ) كأن فيه إشارة أن الشعر لا يخلو عن شيء. اهـ.

ومعنى الأدلم: الأسود الطويل، جاء في غريب الحديث لابن الجوزي: فِي الحَدِيث (فجَاء رجل أدلم) الأدلم: الطَّوِيل الْأسود. اهـ.

وفي النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: الأدلم: الأسود الطويل، ومنه الحديث: «فجاء رجل أدلم، فاستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم»، قيل: هو عمر بن الخطاب. اهـ.

وأما لون عمر -رضي الله عنه-: فقد اختلف فيه؛ لاختلاف الروايات الواردة، فقيل: كان أبيض تعلوه حمرة، وقيل: كان أبيض، ثم تغير لونه إلى السمرة من أكل الزيت عام الرمادة، وقيل: إنه كان شديد السمرة، وهو الذي اختاره وصححه الإمام ابن عبد البر حيث قال -رحمه الله- في الاستيعاب في معرفة الأصحاب: هكذا ذكره زر بن حبيش، وغيره، بأنه كان آدم شديد الأدمة، وهو الأكثر عند أهل العلم بأيام الناس وسيرهم وأخبارهم.

ووصفه أبو رجاء العطاردي، وكان مغفلًا، فقال: كان عمر بن الخطاب طويلًا جسيمًا، أصلع شديد الصلع، أبيض، شديد حمرة العينين، في عارضه خفة، سبلته كثيرة الشعر، في أطرافها صهبة.

قد ذكر الواقدي من حديث عاصم بن عبيد الله، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: إنما جاءتنا الأدمة من قبل أخوالي بني مظعون، وكان أبيض، لا يتزوج لشهوة إلا لطلب الولد، وعاصم بن عبيد الله لا يحتج بحديثه، ولا بحديث الواقدي.

وزعم الواقدي أن سمرة عمر وأدمته إنما جاءت من أكله الزيت عام الرمادة. وهذا منكر من القول.

وأصح ما في هذا الباب- والله أعلم- حديث سفيان الثوري، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، قال: رأيت عمر شديد الأدمة. اهـ.

وقال ابن المبرد في محض الصواب في فضائل عمر بن الخطاب، بعد أن نقل كلام ابن عبد البر المتقدم: وقال بعض من شرح العمدة: "كان أبيض تعلوه حمرة"، وقيل: "آدم طوالًا، أصلع، شديد حمرة العينين، كث اللحية".

وذكر ابن الجوزي عن محمّد بن سعد يرفعه إلى ابن عمر -رضي الله عنه- أنه وصف أباه، فقال: "كان رجلًا أبيض، تعلوه حمرة، طوال، أصلع، أشيب".

وعن أبي رجاء العطاردي: قال: "كان عمر بن الخطاب رجلًا طوالًا جسيمًا أبيض، شديد حمرة العينين، في عارضه خفة، سبلته كثيرة الشعر، في أطرافها صهبة، وكان قليل الضحك، لا يمازح أحدًا، مقبلًا على شأنه".

وعن زر قال: "كنت في المدينة يوم عيد، فإذا عمر بن الخطاب ضخم، أصلع، أدلم، كأنه على دابة، مشرف على الناس، أعسر أيسر". اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني