الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجر الوالد شديد الغضب وكيفية بِرّه

السؤال

جزاكم الله خيرًا. والدي شخص لديه صفات حسنة، لكن عنده عصبية شديدة معنا، فيجرح أمّي دومًا، ولا يقول لها كلمة طيبة إلا قليلًا، ووالدتي مريضة، ويؤذيها ذلك جدًّا في صحتها، ونفسيتها، كما أنه يؤثر زوجة أخي على أمي في التعامّل، وهذا أغاظني منه، فأكلمه باللين وبالحسنى، لكنه لا يستجيب، بل يشتمني، ويدعو عليَّ، ويقول: إنني لا أعدل، ودائمًا أقف مع أمي، فكيف أبره؟ فقد تحيرت في ذلك الأمر: فإذا كلمته بالهدوء ظنّ أنني ليست لديَّ حجة قوية، وإن علا صوتي، فهذا عقوق، وأمر أمّي وصحتها بعد أن كبرت صار ضاغطا عليَّ، فكلما يؤذيها بالكلام أتأذَّى جدًّا منه، فكيف أبره؟ وهل يجوز هجره ليوم مثلًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالعصبية والغضب نوع من البلاء، وباب من أبواب الشرور والعواقب السيئة، ويكفي دلالة على ذلك ما ذكرت من التعامل السيء الذي يصدر من أبيك تجاه أمّك، وهو مأمور شرعًا بأن يحسن عشرتها، كما في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، وهذه المعاشرة تحمل كل المعاني الحسنة، والعبارات النبيلة، كما سبق أن بيَّنا في الفتوى: 405838، والفتوى: 134877.

ومن أفضل ما يمكن أن تبر به أباك، صبرك عليه، والحذر من أن يصدر عنك ما يؤذيه من قول أو فعل، هذا بالإضافة إلى الدعاء له بكل خير، ومن ذلك أن يصلح الله حاله، ويرزقه رشده وصوابه.

وإن أمكنك أن تجد من أهل الفضل ووجهاء الناس من ينصحه، فافعل؛ فلعله يوفق في إصلاحه.

بقي أن نجيب عن سؤالك عن حكم هجره يومًا، فنقول: إنه لا يجوز للولد هجر والده بحال، كما هو مبين في الفتوى: 22420، وهنالك من أهل العلم من أجاز هجره للمصلحة الشرعية، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى: 216838، والغالب أن لا مصلحة في أن يهجر الولد والده، بل قد يكون محض مفسدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني