الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانتفاع بالمعاش الذي تعطيه الدولة بسبب العجز عن العمل

السؤال

بارك الله فيكم على الموقع الأكثر من رائع الذي يخدم المسلمين، ويقدم لهم خدمات لا غنى عنها.
أقطن في دولة أجنبية، وتلزمنا الدولة بدفع مستحقات التأمين التي تشمل التأمين الصحي، والتقاعدي، فتقوم الدولة بخصم رسوم التأمين من المدخول الشهري، وقد دفعت عشر سنين لمخصصات التأمين، وأصبت بمرض انفصام الشخصية، وتعدد الشخصيات، فلا أقوى على صنع أبسط الأمور، والشخصية الأخرى تمنعني من قراءة القرآن، والعمل، فلا أقوى نهائيًّا على العمل، فدفعت لي الدولة معاشًا شهريًّا، مع العلم أني دون هذا المعاش لا أستطيع العمل؛ مما يسبب موتي جوعًا، فأنا فقير معدم، فهل هذه التأمين الصحي حلال؟ مع العلم أنه مكتوب في موقع التأمين للدولة: (تجبي مؤسسة التأمين الوطني رسوم تأمين وطني من جميع السكان بحسب مداخيلهم، ووضعهم الإداري، وتدفع مخصصات للمستحقين، فهكذا تحوَّل مداخيل من فئات متينة اقتصاديًّا إلى فئات ضعيفة، ومتعرضة لخطر التأذِّي؛ وبهذا يقدم التأمين الوطني إسهامه في التوزيع الأكثر عدالة للمدخول الوطني، وتقليص نطاق الفقر)، فهل هذا التأمين حلال؟ وما حكم الاستفادة من المعاش الشهري بسبب فقري، وكوني سأموت جوعًا إذا لم أنتفع بهذا المعاش؟
يرجى الرد على السؤال، وعدم تحويلي لفتوى أخرى لأهمية الأمر -بارك الله فيكم، ودمتم ذخرًا للمسلمين، وأطال الله أعماركم، وبارك فيها-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك الشفاء العاجل الذي لا يغادر سقمًا، والعافية الدائمة.

وبخصوص ما سألت عنه، فلا حرج عليك في الانتفاع بهذا المعاش الذي تعطيك الدولة بسبب عجزك عن العمل، وقد جاء في قرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 7ـ 6 في شأن الانتفاع بالتأمين التجاري أن: هناك حالات وبيئات تقتضي إيجاد حلول لمعالجة الأوضاع الخاصة، وتلبية متطلباتها، ولا سيما حالة المسلمين في أوروبا، حيث يسود التأمين التجاري، وتشتد الحاجة إلى الاستفادة منه لدرء الأخطار التي يكثر تعرضهم لها في حياتهم المعاشية بكل صورها، وعدم توافر البديل الإسلامي ـ التأمين التكافلي ـ وتعسر إيجاده في الوقت الحاضر؛ فإن المجلس يفتي بجواز التأمين التجاري في الحالات التالية، وما يماثلها:

1ـ حالات الإلزام القانوني، مثل التأمين ضد الغير على السيارات، والآليات، والمعدات، والعمال، والموظفين ـ الضمان الاجتماعي، أو التقاعدـ، وبعض حالات التأمين الصحي، أو الدراسي، ونحوها.

2ـ حالات الحاجة إلى التأمين لدفع الحرج والمشقة الشديدة، حيث يغتفر معها الغرر القائم في نظام التأمين التجاري، ومن أمثلة ذلك:

1ـ التأمين على المؤسسات الإسلامية، كالمساجد، والمراكز، والمدارس، ونحوها.

2ـ التأمين على السيارات، والآليات، والمعدات، والمنازل، والمؤسسات المهنية، والتجارية؛ درءًا للمخاطر غير المقدور على تغطيتها، كالحريق، والسرقة، وتعطل المرافق المختلفة.

3ـ التأمين الصحي تفاديًا للتكاليف الباهظة التي قد يتعرض لها المستأمن، وأفراد عائلته، وذلك إما في غياب التغطية الصحية المجانية، أو بطئها، أو تدني مستواها الفني. انتهى.

وعلى هذا؛ فلا إثم عليك -إن شاء الله تعالى- في الانتفاع بالمعاش المذكور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني