الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحريم المرأة نفسها على زوجها

السؤال

منذ ستة أشهر أو سنة -لا أذكر بالضبط- تشاجرت أنا وزوجي؛ نظرًا لمشاكل عائلية مررنا بها، وكان من عادتي -غفر الله لي- أن أقول لزوجي: حرّمت نفسي عليك، أو أستفزه فأطلب منه أن يطلقني، فيجرحه هذا الأمر، ولا يتمالك نفسه من الغضب، خصوصًا أنه تعرّض لأذى كبير من عائلتي، لكنه صبر وتحمل -جزاه الله خيرًا-، فمرات كان يقول لي: "أنت طالق"، وسرعان ما نتصالح؛ لأنني غالبًا ما أكون في فترة الحيض -غفر الله لنا-، لكنني أصبحت أقول له: "حرّمت نفسي عليك" بكثرة، أو "أنا محرمة عليك"، فكان ينبهني إلى أن الأمر يزعجه، إلى أن قالها لي هو في إحدى المرات، قالها لي تهذيبًا؛ كي أحسّ بما يحسّ به عندما أقولها له، وأحسست بمرارتها فعلًا، لكن سرعان ما تصالحنا.
في الشهور الماضية -هداني ربي- وأصبحت حريصة على إرضاء ربي في زوجي، وساد بيننا الاحترام والمودة -والحمد لله-، وأصبح بيتنا مستقرًّا -بفضل الله ورحمته-، ولكن بدأت يأتيني وسواس أننا قد نكون مخالفين لحدّ من حدود لله، فما حكم ما قاله لي زوجي من أنّه حرمني على نفسه؟ وقد سألته عن نيته، فأجابني أنها لم تكن التحريم، بل الزجر والترهيب، وأنه أراد أن يقولها لي تهذيبًا لي، وزجرًا، وتوبيخًا بقصد الترهيب؛ كيلا أعود لهذا الأمر، وزوجي متأكد أنه لم ينوِ التحريم ولا الطلاق، وأنا من أودّ التأكّد. شكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دام زوجك لم يقصد بتحريمك طلاقًا ولا ظهارًا؛ فلا يقع به طلاق، أو ظهار، ولكن عليه كفارة يمين، وانظري الفتوى: 14259.

واعلمي أنّ قولك لزوجك: "حرمت نفسي عليك"، ونحوه من العبارات، لا يترتب عليه تحريم، لكن تلزمك كفارة يمين، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: أما المرأة إذا حرمت زوجها بأن قالت: أنت عليّ كظهر أبي، أو أنت عليّ حرام، أو أنا محرمة عليك، أو ما أشبه ذلك، فإنها بهذا قد غلطت، وأخطأت، وعليها التوبة، والاستغفار؛ لأنها حرمت ما أحل الله لها، وعليها كفارة يمين فقط. انتهى. وراجعي الفتوى: 186309.

وأمّا قول زوجك: "أنت طالق" فهو صريح، يقع به الطلاق، ولا يتوقف وقوعه على نيته.

وإذا تكرر ذلك ثلاثًا، حصلت البينونة الكبرى، فلا تحلّين له إلا إذا تزوجت زوجًا آخر -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بك الزوج الجديد، ثم يطلقك أو يموت عنك، وتنقضي عدتك منه.

والمفتى به عندنا أنّ طلاق الرجل زوجته في الحيض، أو في طهر مسّها فيه؛ نافذ رغم بدعيته وكونه محرمًا، وهذا قول أكثر أهل العلم، خلافًا لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ومن وافقه ممن يقول بعدم وقوع الطلاق البدعي، وانظري الفتوى: 5584.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني