الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من حصل على مال بسبب مشاهدات بعضها محرم من قناته المسروقة

السؤال

يا شيخ سؤالي طويل جداً، فأعتذر مقدماً عن هذا الشيء، وسأبدأ بقول القصة أولا؛ لأنني لا أعتقد أنها قد مرت عليكم.
أنا رجل أكسب رزقي من قناة في برنامج (يوتيوب). أربح بالطريقة الآتية: أرفع فيديوهات (سواءً كانت ألعابا، أم شروحا للبرامج وغيرها) وهي ولله الحمد، خالية من الموسيقى والمحرمات. وبعد رفعها تأتيها مشاهدات من الناس؛ فتظهر لهم إعلانات (أوبر و هنقرستيشن...) وهكذا أكسب رزقي.
ولكن الذي حصل هنا أن قناتي سرقت، ومن سرقها رفع فيها 7000 فيديو منها موسيقى، ومنها ما هو أسوأ بكثير من ذلك.
وعندما رفع هذه الفيديوهات أتتها مشاهدات كثيرة جداً، ووصلني مبلغ كبير جداً من المال. وبما أن مصدره من فيديوهات أغلبها محرمة، فلا أدري هل هذه الأموال حلال أم حرام؟
مع العلم أن قناتي سرقت قبل 3 أشهر، وخلال كل هذه المدة كنت بلا مصدر دخل بسبب ذلك. وعندما انتهت هذه المشكلة ورجعت لي القناة، أتاني هذا المبلغ الكبير من المال.
فهل هذا يعتبر تعويضا من الله على صبري على هذه المشكلة؟ أم هي أموال محرمة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت حصولك على مال بسبب مشاهدات كثيرة على المقاطع التي في حسابك، وهذه المقاطع بعضها محرم، وقد رفعها من استولى على حسابك. وإذا كان كذلك، فعليك التخلص من نسبة الحرام في ذلك المال بدفعها للفقراء والمساكين، وليس لك الانتفاع بها، إلا أن تكون فقيرا محتاجا.

قال النووي في المجموع: وَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ إذَا كَانَ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ عِيَالَهُ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، فَالْوَصْفُ مَوْجُودٌ فِيهِمْ، بَلْ هُمْ أَوْلَى مَنْ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ. وَلَهُ هُوَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ حَاجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا فَقِيرٌ. انتهى كلامه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:إن كانت العين أو المنفعة محرمة؛ كمهر البغي وثمن الخمر، فهنا لا يقضي له به قبل القبض. ولو أعطاه إياه لم يحكم برده؛ فإن هذا معونة لهم على المعاصي، إذا جمع لهم بين العوض والمعوض. ولا يحل هذا المال للبغي والخمار ونحوهما، لكن يصرف في مصالح المسلمين، فإن تابت هذه البغي وهذا الخمار وكانوا فقراء، جاز أن يصرف إليهم من هذا المال مقدار حاجتهم . انتهى.

ولو جهلت مقدار نسبة المال الحرام، فاجتهد في تقديرها.

قال ابن العربي في تفسيره: فإن التبس عليه الأمر ولم يدر كم الحرام من الحلال مما بيده؟ فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه رده، حتى لا يشك أن ما يبقى قد خلص له. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني