الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إزلة شبهة حول حديث لحوم البقر

السؤال

في البداية أشكركم على مجهوداتكم في هذا الموقع لإرشاد الناس، ونسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
لقد سمعت من أحد الأشخاص -وهو دكتور في علم النفس- أن هناك أحاديث خاطئة في البخاري ومسلم، وهذا الشخص هو الدكتور أحمد عمارة، وقد أكد أنه اطَّلع على النصوص، وأكَّد أنها لا يمكن أن تكون صحيحة؛ رغم أنها ذُكِرت في الصحيحين.
وقد أعطى مثالا بأنه هناك حديث يقول: إن لحوم الأبقار مضرة، وألبانها مفيدة، وأحاديث أخرى، مؤكدا أن هناك أشخاصا ألحدوا بسبب هذه النصوص.
فما رأيكم فيما يقول هذا الشخص؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلو عرفت السائلة حقيقة الشخص المذكور وكذبه وضلاله، وانحرافه وتحريفه للكلم عن مواضعه، لعرفت أن كلامه وآراءه لا تستحق مجرد السماع! وأن شناعته أكبر من مجرد الطعن على أحاديث صحيح البخاري، بل ادَّعى التحريف في الكتب السماوية كلها حتى القرآن، وسوغ التدين بغير الإسلام، وخالف إجماع المسلمين في الفروع، كدعواه صحة صيام الحائض ووجوبه! وغير ذلك مما لا يقوله مسلم عامي، فضلا عن طالب عالم.

وعلى أية حال، فبالنسبة لأحاديث صحيح البخاري فهي صحيحة بلا ريب، وقد انعقد على ذلك إجماع أهل العلم، بل هي في أعلى درجات الصحة والموثوقية، وراجعي في ذلك الفتاوى: 338536، 13678، 287551.

وأما بخصوص الحديث المذكور عن لحوم البقر وأنها: داء، وأن ألبانها شفاء، وسمنها دواء. فليس في صحيح البخاري، بل الذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع "ضحى عن نسائه بالبقر".

وأما الحديث المذكور، فقال ابن القيم في زاد المعاد: روى محمد بن جرير الطبري بإسناده، من حديث صهيب يرفعه: «عليكم بألبان البقر، فإنها شفاء، وسمنها دواء، ولحومها داء» ... ولا يثبت ما في هذا الإسناد. اهـ.

وسئل عنه السخاوي - كما في الأجوبة المرضية من الأحاديث النبوية -فقال: ليس هو في الكتب المشهورة، لا الصحيحين، ولا السنن، ولا مسند الإمام أحمد .. اهـ.

ثم أخرجه من عدة طرق وضعَّفها كلها، وقال: لا سيما وقد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحى عن نسائه بالبقر، وهو لا يتقرب بالداء. اهـ.

ثم ختم الكلام عن الحديث بقوله: وفي شعب الإيمان للحليمي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما قال في البقر: "لحومها داء" لِيُبْسِ الحجاز، ويبوسة لحم البقر منه، ورطوبة ألبانها وسمنها. واستحسن هذا التأويل. اهـ.

وحتى على قول من يقوِّي الحديث بمجموع طرقه - كالشيخ الألباني- فإنه لا يقتضي تحريم أو كراهية لحوم البقر عموما، ولذلك قال الألباني نفسه في السلسلة الصحيحة: وقد ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن نسائه بالبقر، وكأنه لبيان الجواز، أو لعدم تيسر غيره، وإلا فهو لا يتقرب إلى الله تعالى بالداء. اهـ. وانظري الفتوى: 76185.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني