الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل استحلال حقوق النسخ والطبع من الكفر؟

السؤال

أريد أن أسأل عن حكم من استحلّ حقوق النسخ والطبع، بناء على فتوى القائلين بجواز النسخ والطبع دون إذن المؤلف، والسبب أن ذلك من كتم العلم والحد من انتشاره، والاستفادة منه، ثم قرأت فتوى أخرى أن المؤلف له حقوق أخرى يملكها المؤلف، ويختص بها، وجملتها في أمرين: الحقوق الأدبية، والحقوق المالية، ثم ذكر: وموقف الإسلام من هذا الحق الأدبي واضح، وهو كما يقول الدكتور بكر بن عبد لله أبو زيد في (فقه النوازل) 2/65: (إن هذه الفقرات التي تعطي التأليف الحماية من العبث، والصيانة عن الدخيل عليه، وتجعل للمؤلف حرمته، والاحتفاظ بقيمته وجهده، هي مما علم من الإسلام بالضرورة، وتدل عليه بجلاء نصوص الشريعة وقواعدها وأصولها؛ مما تجده مسطرًا في (آداب المؤلفين)، (وكتب الاصطلاح). اهـ.
وأنا أعمل مصممًا، وكنت ذات مرة أحمل صورة، فشرط الموقع عليّ الموافقة على كتابة اسم الموقع في التصميم الذي سأستعمل فيه الصورة، فقلت: إن هذا شرط باطل؛ بناء على فتوى القائلين بجواز النسخ والطبع مطلقًا، ولم أكن أعلم أن الخلاف في هذه المسألة في أخذ المؤلف للعوض المادي على مؤلفه، أي أن الخلاف في الحقوق المادية، وليس الحقوق الأدبية، فهل إنكار الحقوق الأدبية للمؤلف، كفر؛ لأنه إنكار معلوم من الدين بالضرورة، كما ذكر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا علاقة لهذا بالكفر، وليس هذا معلومًا من الدين بالضرورة، بل هي مسألة فقهية دقيقة، تخفى على طلاب العلم والمختصين، ومن باب أولى غيرهم، قال الإمام ابن قدامة في "المغني": ومن اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه؛ للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنزير، والزنى، وأشباه هذا، مما لا خلاف فيه، كفر. اهـ.

وعليه؛ فينبغي ترك هذه الأفكار، والإعراض عنها، والكف عن نسخ ما لا يؤذن في نسخه من البرامج والكتب وغيرها، ولو للنفع الشخصي؛ فذلك أسلم، وأحوط للدين، وأبرأ للذمة بلا شك.

وحيث قلّد المرء فتوى من يثق في علمه وورعه، غير متتبع للرخص، فلا حرج عليه -إن شاء الله تعالى-، قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله: أما من قلد فيما ينزل به من أحكام شريعته عالمًا يتفق له على علمه، فيصدر في ذلك عما يخبره، فمعذور؛ لأنه قد أدّى ما عليه، وأدّى ما لزمه فيما نزل به؛ لجهله، ولا بدّ له من تقليد عالم فيما جهله؛ لإجماع المسلمين أن المكفوف يقلّد من يثق بخبره في القبلة؛ لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني