الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حب شخصية في مسلسل لها القدرة على رؤية المستقبل

السؤال

ما حكم مشاهدة مسلسل به شخصية لها القدرة على رؤية المستقبل؟ وما حكم حب تلك الشخصية، وحب قدرتها (رؤية المستقبل)، مع الاعتقاد أن هذا كله غير حقيقي وكذب؟ وهل هو كفر إذا لم يبغض رؤية المستقبل في هذا المسلسل، أم يكفي اعتقاد أن هذا غير حقيقي لرفع الكفر؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فادعاء رؤية ما سيحدث في المستقبل، هذه كهانة، وكما أنه يحرم الذهاب إلى الكهنة -ولو لم يصدقهم-، فإنه لا يجوز تمثيل أدوارهم، ولا مشاهدة تلك التمثيليات.

وإذا كان الذهاب إلى الكهنة ليس كفرًا في ذاته، إلا إذا صدقهم -كما بيناه في الفتوى: 178191-؛ فإن مشاهدة مسلسلاتهم أحرى أن لا يكون كفرًا في ذاته أيضًا.

ولا يجوز حب تلك الشخصيات الفاسدة المفسدة لعقيدة الناس، بل يتعين بغضهم في الله تعالى، وبغض أفعالهم، وكل هذا من المنكرات، ويجب إنكارها، ولو بالقلب؛ فإنكار المنكر بالقلب أقل درجات الإنكار، ومعناه: كره المنكر وبغضه، وهذا واجب، جاء في الموسوعة الفقهية: الإْنْكَارُ بِالْقَلْبِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ، وَلاَ يَسْقُطُ أَصْلًا؛ إِذْ هُوَ كَرَاهَةُ الْمَعْصِيَةِ، وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ... اهـ. وقال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: وَلَا يَسْقُطُ الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ عَنْ مُكَلَّفٍ أَصْلًا؛ إذْ هُوَ كَرَاهَةُ الْمَعْصِيَةِ. وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ، بَلْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ -مِنْهُمْ أَحْمَدُ- أَنَّ تَرْكَ الْإِنْكَارِ بِالْقَلْبِ كُفْرٌ؛ لِخَبَرِ: «وَهُوَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ». اهــ.

ويرى آخرون أنه إذا لم يكره المنكر بقلبه، ورضي به لشهوةٍ، لم يكفر، قال الفقيه الحنبلي سليمان بن عبد القوي الصرصري -المتوفى سنة 716 هــ- في كتابه: شرح الأربعين النووية: إذا لم يكره المنكر بقلبه، فقد رضي بمعصية الله عزَّ وجلَّ، وليس ذلك من شأن أهل الإيمان.

فإن قيل: إذا رضي بالمنكر بقلبه، ولم يكره، هل يكفر بذلك أم لا؟

قلنا: إن رضيه معتقدًا جوازه، فهذا تضمن تكذيب الشرع في تحريمه، وهو كفر، وإن رضي به؛ لغلبة الهوى والشهوة، مع اعتقاده تحريمه، فهو فسق لا كفر. اهــ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني