الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المضاربة على مبلغ معلوم كل شهر لصاحب المال بغض النظر عن الخسارة

السؤال

زوجي كان يعمل في تجارة الموبيليا شراكةً مع شخص -الرجل بالمال، وزوجي بالمجهود والإدارة-، واتفقا على أن يأخذ هذا الرجل مبلغًا من المال ثابتًا كل شهر، ولا ينظر إلى ربح أو خسارة، والخسارة يتحمّلها زوجي؛ لأن الإدارة كلها عليه، وهذا الشخص لا يأتي للمحل إلا لاستلام المال فقط، علمًا أن المحلات بالإيجار، وهو غير مبالٍ بأية مصاريف تصرف، فما حكم هذه المعاملة؟ ثم اقترض زوجي، وأخذ مبلغًا من شخص آخر بهدف الاستثمار؛ مقابل مبلغ شهري من المال، ووقف الحال جدًّا، وأصبح زوجي مدينًا للتجار، ولشركائه، وهم ينتظرون الآن رد رأس المال بعد مكاسبهم التي أخذوها، وأصبح زوجي مدينًا، وباع سيارته وذهبي للسداد، وهما لا يساعدان معه في أيِّ شيء، فما حكم هذه المعاملات؟ وما الحل؟ فنحن متعبون نفسيًّا، ولو كان في المعاملات حرمة، فكيف التوبة؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه المضاربة التي عقدها زوجك مع صاحب المال، على أن يكون لصاحب المال مبلغ معلوم كل شهر، وتكون الخسارة على زوجك بكل حال؛ فهذه المضاربة فاسدة شرعًا، فاشتراط قدر معين من رأس المال يبطل المضاربة بلا خلاف بين أهل العلم، جاء في الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما -أو كلاهما- لنفسه دراهم معلومة. انتهى.

والصواب أنّ العامل لا يتحمل شيئًا من الخسارة، ما لم يتعدَّ أو يفرِّط، ولكن يتحمل الخسارة صاحب المال، وانظري ضوابط المضاربة الصحيحة في الفتوى: 206356.

وإذا كان زوجك استدان مالًا على أن يرده لصاحبه بزيادة يدفعها إليه شهريًّا، فهذا ربا صريح، وهو من أكبر الكبائر، والواجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله مما وقع فيه من الربا، أو المضاربة الفاسدة.

والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب فورًا، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع رد الحقّ لأصحابه، وصاحب القرض حقّه في أصل ماله دون زيادة.

وأمّا المضاربة الفاسدة، فالجمهور على أنّ الربح كله لصاحب المال، ولزوجك أجرة المثل نظير عمله يقدّره أهل الخبرة، وإذا كانت التجارة خسرت من غير تعدٍّ منه ولا تفريط، فالخسارة على صاحب المال، ولا يضمن له زوجك رأس ماله، وراجعي الفتوى: 78071، والفتوى: 427186.

وإذا صدق زوجك في التوبة إلى الله تعالى؛ فسوف يجد التيسير والعون من الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني