الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخوف الأم على بنتها من وسائل التواصل له ما يبرره

السؤال

أنا فتاة، وقد تعرفت على فتاة أخرى على انستغرام، وتصادقنا، وبقينا نتواصل لمدة سنة تقريبا. أمُّ صديقتي أمرت ابنتها فجأة بعدم التحدث إلى أي أناس أونلاين، ولا أعلم السبب؛ لأن صديقتي كانت من قبل تتحدث أونلاين، وخاصة معي أنا. والأم كانت تعلم ذلك من قبل، لكنها لم تكن تثق بي. والأم تخاف وتشك وتخشى أن الناس الذين تكلمهم أونلاين قد يكونون صبيانا منتحلين الهوية، أو قد يكن فتيات يدعين الصلاح، وهن سيئات. في يوم من الأيام توقفَتْ البنت فجأة عن محادثتي دون أن أعلم السبب، حتى سألتُ صديقتها بانستغرام، وأخبرتْني أن أمها منعتها، وقد حاولَتْ صديقتي أن تكلم أمها دون جدوى. الأم منعت ابنتها من أن تحدث أي شخص أونلاين، وليس أنا فقط. ولكن ما دخلي أنا؟ أنا لست بإنسانة سيئة، فأنا متدينة، وصالحة، وكنت دائما أنصح الفتاة بأمور دينية، ودنيوية، ولم تشهد الأم مني أمرا حراما. وقد أخبرتني صديقتي من قبل بأن أمها لا تثق بي؛ لأنني من الإنترنت، وقد أخبرَتْ صديقتي أمها عن محاسني، وأجابتها أمها بأنني قد أكذب. وقد كلمَتْ صديقتي أمي أكثر من مرة. أمها فقط تبالغ، وتحكم على الشك، وتتعنت فقط؛ لأنني أونلاين. حرمتني من صديقتي فقط لظنها دون أن تتأكد.
فهل يجوز أن أحادث صديقتي من وراء الأم؛ لأنه ليس هناك مضرة لا للبنت ولا لأمها؟ فهي لم تكلمني من وراء أمها خشية الوقوع في العقوق، وأنا أيضا لم أكن أعرف، وخشيت أن أجعلها تقوم بمعصية.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قرر أهل العلم أنه يجب على الولد -ذكرا كان أم أنثى أن يطيع والديه- فيما فيه مصلحة لهما، ولا مضرة على الولد منه، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 76303.

ومعلوم فيما وسائل التواصل من أسباب الشر والفساد، ولا سيما في التواصل في غرف الدردشة، وما قد يكون من مخادعة لبعض الشباب، وتواصله مع الفتيات باسم مستعار، متظاهرا بأنه فتاة مثلهن، وذلك من أعظم أسباب الفتنة.

ولذلك فالذي يظهر لنا -والله أعلم- أن تخوف هذه الأم على ابنتها له ما يسوغه، وأن الواجب عليها طاعتها في ذلك، وعدم التواصل معك، ولو من وراء أمها، فَلْتُطِعْها حاضرة وغائبة، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 182257.

ومنعها لابنتها حرصا عليها لا يعني أنها ترى أنك غير صالحة، ولكن الحاصل أن حالك مجهول عندها، ولا يعني ذلك أيضا أنها تمنعها من الكلام معك على وجه الخصوص، وإنما منعها عام في كل من لا تعرف شيئا عن حالهم، وربما لو كانت تعلم حالك وصلاحك لم تمنعها من مصادقتك أو محادثتك، فلا تحملي الأمر ما لا يحتمل.

وإذا كانت صديقتك هذه تعرفك جيدا، وأمكنها أن تقنع أمها بالموافقة على تواصلها معك؛ فالحمد لله، وإلا فدعيها وتواصلي مع من تعرفين من النساء الصالحات، ولا تحجري على نفسك واسعا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني