الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل من ظلم المرأة لزوجها إخفاء تفاصيل علاقاتها السابقة؟

السؤال

تزوجت منذ خمس سنين، وأثناء خِطبتنا حصلت بينا تجاوزات، وتلامس في كل مكان، وهذ كان يحصل يوميًّا؛ فقد كان زميلي في العمل، وكنت مخطوبة قبله، وحصلت تلك التجاوزات وأكثر، أي أنه حصل كل شيء، لكنه لم يصل للإيلاج، ويوم زواجي من خطيبي -زميلي في الشغل- اكتشفت أنا وهو أني لست عذراء، وأنا فعلًا لا أعرف كيف ومتى حصل ذلك، وعندما سألني قلت له: ما حصل بيني وبين أحد شيء مثل هذا، والموضوع مَرَّ دون مشاكل، ومنذ خمسة شهور هداني ربي، ولم أعد أترك صلاة، وأستغفر دائمًا، وأحسّ أن ربنا استجاب دعائي، وجعلني أتوب، وأندم على كل شيء حصل في حياتي، ومن وقتها وأنا أحاول أن أجعله لا يتحدث عما كان يحدث بيننا في الشغل، وأثناء العلاقة الحميمية أحسّ أنه من المحرم أن نتذكر شيئًا مثل ذلك، وقرأت أنه لا يجوز زواجنا قبل التوبة، ولم نتب إلى الله قبل الزواج، وأنا حاليًّا نادمة أشد الندم، فهل يلزم أن أخبره عن علاقتي بخطيبي السابق؟ فأنا أخاف أن أكون ظالمة له إن كتمت عنه ذلك، ولكن يشهد الله أنه فعلًا ما حصل إيلاج، وهل أنا زانية؟ وهل زواجنا صحيح؟ وهل سيعاقبنا الله بالتفريق، أو بفضيحتي ثم التفريق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت بتوبتك مما وقع منك مع خاطبك، أو مع غيره من منكرات، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك هذه التوبة، فهو يقبل التوبة عن عباده، كما أخبر عن نفسه في كتابه، حيث قال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}، وثبت في الحديث الذي رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يَقْبَل توبةَ العبد ما لم يغرْغِرْ.

فأحسني الظن بربك، فهو عند ظن عبده به، وهو سبحانه لا يؤاخذ من أقبل تائبًا إليه وأناب، قال تعالى: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا {النساء:147}.

وعاشري زوجك كأن شيئًا لم يكن، واحرصي على تربية ابنك على الخير.

والزنى الحقيقي هو الذي يكون فيه إيلاج في الفرج، وهو الزنى الموجب للحدّ، والذي جعله بعض الفقهاء مانعًا من النكاح، وجعل العفة شرطًا للصحة، فلا يجوز عندهم نكاح الزانية، حتى تتوب إلى الله عز وجل.

فإن لم يحدث إيلاج -كما ذكرت-، فلست بزانية، ولا علاقة لنكاحكما بهذه المسألة الفقهية. ولمزيد الفائدة، راجعي الفتوى: 323977، والفتوى 11295.

ويجب عليك مع التوبة أن تستري على نفسك، ولا تخبري زوجك، ولا غيره بما كان منك مع خطيبك الأول؛ فهذا الستر مطلوب وواجب، فتأثمين إن فضحت نفسك، وراجعي الفتوى: 35747.

ولا تكونين ظالمة إن لم تخبريه بهذا الأمر، وتؤجرين -إن شاء الله- بامتثالك الأمر الشرعي بالستر على نفسك.

وزوال البكارة له أسبابه العديدة غير الوطء، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: زوال البكارة من المرأة، لا يعني أنها كانت فاسدة؛ إذ قد يكون زوال بكارتها لسبب غير الجماع، كعادتها هي، أو سقوطها، أو قفزتها، أو ما أشبه ذلك، وليس معنى ذلك أنني أفتح بابًا للفتيات بالعبث، ولكنني أريد أن أزيل شبهة تقع للزوج في مثل هذه الحال. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني