الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تعارض بين تمنّي مرافقة رسول الله والنظر لوجه الله الكريم

السؤال

ما المعتقد الصحيح في ما يخص سؤال الله مرافقة النبي في الجنة؟ وكيف يكون أقصدي رضا الله، والقرب منه، ورؤيته وحده في الجنة، وأنا أرجو مرافقة النبي عليه الصلاة والسلام، وزوجاته، وصحابته، والأنبياء، وغيرهم، وأسأل الله ذلك بسبب حبي لهم؟ فأنا أحبهم كلهم، وأعلم أنه لله وحده؛ لأنه من تمام محبته سبحانه حب من يحب، لكن ألا يتعارض طلبي مرافقتهم، ورؤيتهم في الجنة، ومجالستهم مع ابتغائي رؤية الله وحده، والقرب منه، ورضاه وحده؟ أفيدوني -جزاكم الله خيرًا، وفرج الله كربكم في الدنيا والآخرة-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأيّ تعارض بين الأمرين!؟ ونحن ما أحببنا النبي صلى الله عليه وسلم إلا لأنه صفوة الخلق، وأحبّ الخلق إلى الله تعالى؛ ولأن الله أمرنا بحبّه، وجعله أوجب علينا من حبّ المال، والنفس، والولد.

فمن تمنى مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ورؤيته، والتمتع بمجالسته، فقد تمنى خيرًا، ورجا ما يحبه الله تعالى، ويرغب فيه، وهذا من نعيم أهل الجنة بلا شك أن يجالسوا النبي صلى الله عليه وسلم، والخيار من خلق الله، وعباده الصالحين.

ولما عرف الصحابة -رضي الله عنهم- ذلك، طلب منهم من طلب من النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة، كما روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لربيعة الأسلمي: سل، قال: أسألك مرافقتك في الجنة.

قال القاري في المرقاة: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ. أَيْ: كَوْنِي رَفِيقًا لَكَ إِلَى الْجَنَّةِ: بِأَنْ أَكُونَ قَرِيبًا مِنْكَ، مُتَمَتِّعًا بِنَظَرِكَ. انتهى.

وأنواع النعيم لأهل الجنة تتعدد وتختلف، ومنها هذا، وأعلاها هو تمتعهم بالنظر إلى وجه الله تعالى، والقرب منه -جل اسمه-؛ فأهل الجنة تتنوع لذائذهم، فهم يأكلون، ويشربون، ويأتون النساء، ويتسامرون، إلى غير ذلك من ألوان اللذائذ، ومن أجلِّ لذائذهم مجالسة النبي صلوات الله عليه وسلامه، ومرافقته في الجنة، وأعلى من ذلك كله وأعظم؛ التلذذ بالنظر إلى وجه الله تعالى، وهي اللذة التي لا تعدلها لذة، فلا تعارض بين سؤال هذه الأنواع من النعيم على اختلافها، فكلها حاصل لأهل الجنة.

نسأل الله أن يرزقناها بمنّه وكرمه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني