الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من تعذيب الحيوان وقتله

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 14 سنة، منذ بضعة سنين -لا أعرف هل قبل البلوغ أو بعده- كنت قد اشتريت اثنين من الكتاكيت الصغار، واحد لي، والآخر لأخي، وفي يوم من الأيام مات الكتكوت الخاص بي، فشعرت بالغيرة من أخي، فعذبت الكتكوت الآخر إلى أن مات، وشعرت بالندم كثيرًا؛ زيادة على الكثير من الذنوب والمعاصي، لكني أريد أن أتوب، وأن أنال رضا الله، وأخاف أن لا يقبل الله توبتي؛ بسبب ذلك الكتكوت، فماذا أفعل لأكفّر عن ذنبي؟ وهل حسن معاملة الحيوانات، وإطعامهم، والتصدّق على الفقراء، وكثرة الاستغفار؛ بداية جيدة لمغفرة الذنوب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالله يقبل التوبة من أيِّ ذنب كان، ولا ذنب أكبر من الكفر، وقد قال الله في التوبة منه: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38].

ولا شك أن تعذيب الحيوان، وقتله؛ ذنب، ولكنه ليس أكبر من الكفر.

وعليه؛ فلا تظني أن الله تعالى لا يقبل توبتك من ذلك الذنب، بل يقبلها سبحانه، ويأجرك عليها، والتوبة تكون بالندم على الذنب، والعزم مستقبلًا على عدم العودة إليه، وهذا إذا وقع منك قتل الحيوان وأنت مكلفة.

وأما إذا وقع قبل التكليف، فإنه لا إثم على غير المكلَّف؛ لحديث: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ. رواه النسائي، وغيره.

وقولك: "وهل حسن معاملة الحيوانات، وإطعامهم، والتصدق على الفقراء، وكثرة الاستغفار...؟"، لا شك أن هذه من جملة الأعمال الصالحة، ففي كل كبد رطبة أجر، كما جاء في الحديث.

والأعمال الصالحة بعد التوبة، أمارة على صدقها، وكثيرًا ما قُرِنَ ذكر العمل الصالح في القرآن مع التوبة، كما في قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ {القصص:67}، وقوله سبحانه: وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان:71}.

فاجتهدي في الإكثار من العمل الصالح؛ تفلحي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني