الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

امتناع الأب من إتمام زواج البنت المعقود عليها

السؤال

أنا سوري مقيم في مصر منذ أربع سنين، خطبت بنت عمّي منذ سنتين ونصف في السعودية، عن طريق وكيل دون التوثيق في المحكمة، مع العلم أنهم من رفض توثيق الزواج، وكتب الكتاب دون شروط.
منذ سنة ونصف أخبرني عمي أنه يريد تدريسها، ولا يريد أن يزوّجها، وطلب مني طلبات تعجيزية، فاشترط عليّ أن أخرج لها فيزا دراسية، ووضع السوريين في السفر بين الدول صعب، ووافقت، ولم يبعثوا لي بقية الأوراق، وأغلق التسجيل بمصر.
أدخلت الدنيا كلها بيننا للصلح، وإرجاع البنت، ووافق في الأخير، وقال لي: أخرج فيزا عادية، فقدمت عليها، وجهّزت الفيزا قبل أن تغلق المطارات بعشرة أيام، واحتجّ بفيزتها السعودية التي يريد تجديدها، فطلبت منه تجديدها، فاعتذر بأمور، وفي الأخير قال لي: أجِّل الموضوع إلى بعد رمضان (الفائت)، وانتهى رمضان ولم تكلمني البنت ولا عمّي، وقبل أن تفتح مطارات مصر بعشرة أيام اتصلت عليه، فقال لي: كنت قلت لك: أمامك شهران لتأخذها، وومضت أربعة شهور ولم تأخذها، فقلت له: بسبب كورونا، فقال لي: لا علاقة لنا بكورونا، ولا أنا، ولا أمّها، ولا إخوتها موافقون، وأنا أريد أن أدرسها، وهي تضررت كثيرًا، ووقفت دراستها، وذهبت حياتها، وأريد أن أؤمّن لها مستقبلها، وقال لي: أنت درست وسافرت، وقال لي: الفيزا التي أخرجتها غير صحيحة، والكل حاليًّا يقف معه؛ بحجة أنه أبوها، وينسون أنها زوجتي.
أريد فتوى حول هذا الموضوع، والطلاق، ونصيحة منكم لابنكم؛ لأني أرفض الطلاق؛ لأنه لا يوجد سبب شرعي، وما من مشكلة بيني وبين البنت، والمشكلة بيني وبينه، وهي الآن تتبع أهلها على حساب زوجها، ولكم كل الشكر والتقدير والاحترام.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويفرّج كربك، ويصلح الحال.

ونوصيك بكثرة الدعاء، فهو سبحانه مجيب دعوة المضطر، وكاشف الضرّ، قال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.

وإن كنت قد عُقِد لك على ابنة عمّك هذه العقد الشرعي، فقد صارت بذلك زوجة لك.

والواجب على عمّك أن يسلّمك زوجتك، ويمكّنك من الدخول بها، بعد أن تسلّمها المهر، أو الحالّ منه، إن كان بعضه حالًّا، وبعضه مؤجلًا.

ولا يجوز له التعنّت، والامتناع عن تسليمها، والتعلّل بحجج واهية من نحو أمر الدراسة، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 307510.

ولا يحقّ له أمرك بطلاقها، ولا يلزمك الاستجابة له في ذلك، إلا أن تشاء.

وننصحك بالاستمرار في توسيط أهل الخير: فإن تمكّنوا من إقناعه، فالحمد لله، وإلا فقد يكون الأفضل أن تطلّقها، وتبحث عن امرأة غيرها.

ولك الحق في أن تمتنع عن طلاقها؛ حتى تفتدي منك بعِوَض تتفقان عليه، وهو ما يسمى بالخلع، وراجع فيه الفتوى: 8649.

وإن حدث نزاع، فيمكن رفع الأمر للقضاء الشرعي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني