الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

السؤال

شاهدت على اليوتيوب شيخًا يقول: إن شخصًا من المحبين حج بيت الله، ثم زار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما كان عنده أخذته سِنَة من النوم، وشاهد الرسول في المنام، فقال المحب للرسول صلى الله عليه وسلم: علِّمني الصيغة الذي تحبها؛ حتى أصلي بها عليك، فقال له رسول الله: اذهب إلى بلاد الشام، وهناك شيخ اسمه: شمس الشام، وقل له: علّمني الصيغة الذي أصلّي بها على رسول الله، والصيغة هي: (اللَّهُمَّ صلِّ على سيدنَا محمد النَّبِي الْأُمِّي الحبيب، العالي الْقدر، الْعَظِيم الجاه، وعَلى آله وَصَحبه وَسلم)، فهل هذا المنام صحيح؟ وما رأيكم في هذا الكلام؟ وقد قلت في نفسي اجتهادًا مني: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئًا حتى علّمنا إياه، وأفضل صيغة للصلاة عليه، هي الصيغ الذي علمها للصحابة -رضوان الله عنهم أجمعين-، ولو كانت هناك صيغ أفضل لكان حضر للصحابة في منامهم، وعلّمهم إياها، وهل هناك أحكام شرعية للمنامات؟ فعندما أسمع أهل البدع، أُصاب بضيق وحزن، وهل مثل هذه المنامات من تلبيس إبليس على الصوفية؟
أنتم موقعي المفضل، وإني أحبكم في الله. أفتوني مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد أصاب السائل في حكمه بأن أفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هي الصيغة المستفادة من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه -رضي الله عنهم-، فقد سألوه عن ذلك فأجابهم، فعن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا: يا رسول الله، هذا السلام عليك، فكيف نصلي؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم. متفق عليه.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: استدل بتعليمه -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه الكيفية بعد سؤالهم عنها بأنها أفضل كيفيات الصلاة عليه؛ لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف الأفضل. ويترتب على ذلك لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة، فطريق البِر أن يأتي بذلك. اهـ.

وقال السبكي في طبقات الشافعية الكبرى: سمعت أبي -رحمه الله- يقول: أحسن ما صلي على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكيفية، قال: ومن أتى بها فقد صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بيقين، وكان له الجزاء الوارد في أحاديث الصلاة بيقين، وكل من جاء بلفظ غيرها، فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك؛ لأنهم قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا كذا، فجعل الصلاة عليه منهم هي قول كذا. اهـ. وانظر الفتوى: 18845.

وأما الرؤى والمنامات؛ فلا تؤخذ منها الأحكام الشرعية، وراجع في ذلك الفتويين: 413770، 409939.

ثم إن المنام المذكور في السؤال، قد خالفه منام آخر موافق للأصل الشرعي من عالم معروف، فقد نقل السيوطي في كتابه: (الحرز المنيع من القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع ص 35) عن السبكي أنه قال:

ولا خلاف أن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بكيفية من الكيفيات المروية الصحيحة الرواية عنه -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فقد أدّى فرض الصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الإجماع يشهد أنها على التخيير.

ويجب عند أهل النظر أن يتخير الإنسان للصلاة عليه أصحها سندًا، وأتمّها معنى ..

وقد كنت في شبيبتي إذا صليت على النبي صلى الله عليه وسلم أقول: اللهم صل وبارك وسلم على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت وسلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. فقيل لي في منامي: أأنت أفصح أو أعلم بمعاني الكلم وجوامع فصل الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم؟ لو لم يكن في التفضيل معنى زائد؛ لما فضل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فاستغفرت الله من ذلك، ورجعت إلى نص التفضيل في موضع الوجوب ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني