الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عزوف المرأة عن الزواج لكراهيتها لما يحدث بين الزوجين

السؤال

أنا فتاة في بدايات عمري، أعيش وأدرس في الخارج، ويتقدم لي الكثير من الخطّاب -والحمد لله-، لكني أرفض دائمًا، وأنا أريد الزواج من أجل الإنجاب فقط، وعندما أتزوج أريد أن أفعل عملية تلقيح، ولا أريد رجلًا ينام معي، وأكره الجنس والعلاقة الجنسية، ومن المستحيل أن أتعرّى أمام أحد حتى الزوج، وأبحث عمن يكون أبًا رائعًا لأطفالي، وأريد الزواج لفترة معينة، وأخاف أن أتكلّم مع أهلي؛ رغم أنهم متعلّمون جدًّا.
من الممكن أن أحب، لكني لن أحبّ العلاقة الجنسية، وإذا كان يريد الاستمرار معي لأجل تربية الأبناء، فمن الممكن ذلك، وإذا لم يكن متقبلًا، فمن الممكن أن ننفصل، ويتزوج امرأة أخرى تعطيه هذا الاحتياج.
أنا أريد الزواج من أجل الإنجاب فقط، ولن أحرم أبنائي من والدهم، ولا هو كذلك؛ لأني أرى الحياة مع الرجل صعبة جدًّا جدًّا، وأريد أن أتفرّغ لتربية الأبناء.
وإذا رفض الإنفاق عليهم، فلا مشكلة، فأنا من عائلة مقتدرة -والحمد لله-، وأصحاب مال، فهل من الممكن هذا أم لا؟ وهل الزواج من أجل الإنجاب فقط حرام، أم إنه عادي؛ لأنه هدف جميل؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد حثّ الشرع على النكاح، وبيَّن أن الرغبة عنه خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الرغبة عنه أيضًا خلاف هدي الأنبياء والمرسلين، فقد قال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ {الرعد:38}.

وفي النكاح كثير من مصالح الدنيا والآخرة، قد بينها أهل العلم، ويمكن مطالعة الفتوى: 194929.

وقد أوضحنا فيها أيضًا أن النكاح قد يكون واجًبا، فيكون الراغب عنه آثمًا في هذه الحالة، ولمزيد الفائدة، نرجو مراجعة الفتوى: 3011.

ومن أهم مقاصد النكاح إعفاف كل من الزوجين للآخر بإشباع غريزته الجنسية، وقد قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ{البقرة:187}، وهذا أمر فطري، جُبِل عليه كل من الرجل والمرأة، فعدم رغبتك في النكاح والوطء أمر غريب، منافٍ للفطرة والهدي النبوي.

فنصيحتنا لك أن تتوجّهي لربك سبحانه، وتسأليه أن يذهب عنك هذا الشعور النفسي، وربما تحتاجين إلى استشارة نفسية لبعض الثقات من الاختصاصيين، ويمكنك مراسلة قسم الاستشارات بموقعنا على هذا الرابط:

https://islamweb.net/ar/consult/

والإنجاب من مقاصد النكاح العظيمة، وهو حق للزوجين معًا، والأصل أن سبيله الوطء، قال تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ {البقرة:187}، قال ابن كثير: يعني الولد.

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير:... اطلبوا ما قدر الله لكم من الولد؛ تحريضًا للناس على مباشرة النساء، عسى أن يتكوّن النسل من ذلك؛ وذلك لتكثير الأمة، وبقاء النوع في الأرض. اهـ.

والإنجاب عن طريق التلقيح الاصطناعي على خلاف الأصل، وتعتريه كثير من المحاذير؛ ولذلك لا يجوز المصير إليه إلا عند الضرورة، أو الحاجة الشديدة، وبشروط معينة، سبق ذكرها في الفتوى: 5995.

ولا يجوز لك أن تشترطي عدم الوطء، وإذا اشترط ذلك في العقد، فربما أدّى لفساده، كما ذكر أهل العلم، وراجعي الفتوى: 78712.

فوصيتنا لك في الختام أن تستعيني بالله عز وجل، وتعملي على طرد هذه الهواجس، وتستقيمي في تفكيرك كسائر الخلق في هذا الجانب.

نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويقدر لك الخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني