الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب المرأة طلاق الزوجة الأولى بسب اتّهامها لها بالفاحشة والسرقة

السؤال

خُطِبت لرجل متزوج عنده أطفال، وكان سبب خِطبته لي أن علاقته بزوجته الأولى سيئة، وأنها لا تهتمّ به، وأنه صابر عليها لأجل الأطفال، وبعد خِطبتي منه بدأت زوجته تفتعل المشاكل، وتسيء إلى سمعتي، واتّهمتني أني زانية، وسارقة، وأني أعمل لخطيبي سحرًا كي يتزوجني، وسبّبت لي العديد من المشاكل.
وقد صبر خطيبي في البداية عليها، وهجرها؛ حتى تمتنع عن هذه الأقاويل؛ حتى أمسكها تسرق من أمواله، وأمسك سحرًا ببيته، قد عملته كي لا يتزوجني، فأخبرته أني لن أكمل هذه العلاقة إذا بقيت هذه المرأة زوجته؛ لأنها اتّهمتني اتّهامات شنيعة، واكتشفنا أن كل اتّهام اتّهمتني به هي التي تفعله؛ حتى السحر، فطلّقها، وتزوّجنا، فهل أنا آثمة؟ وهل أنا متسببة في الطلاق؟ مع العلم أني لم أسرقه، ولم أعمل سحرًا، وكل الذي قالته عني كان افتراءً، وسبّبت لي العديد من المشاكل في عملي.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كانت هذه المرأة قد اتّهمتك بأنك سارقة وزانية زورًا وبهتانًا، فلا شك في أن هذا أمر خطير، وإثم مبين، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ {النور:23}، وقال سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.

ولكن هذا لا يسوّغ لك أن تطلبي منه طلاقها، فقد جاءت السنة بنهي المرأة أن تسأل طلاق أختها؛ لتستأثر بالزوج، بل كان يسعك أن تَدَعيه، وتبحثي عن غيره، روى البخاري، ومسلم -واللفظ للبخاري- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: لا تسأل المرأة طلاق أختها؛ لتستفرغ صحفتها، ولتنكح؛ فإن لها ما قدر لها.

ومما جاء في تفسير قوله: ولتنكح. ما ذكره العراقي في طرح التثريب، حيث قال: أي: ولتنكح من تيسر لها -هذا الرجل أو غيره- مع انكفافها عن سؤال الطلاق. اهـ. فالواجب عليك التوبة مما وقع منك من طلبك منه طلاقها.

وننبه في الختام إلى خطورة الاتّهام بالسحر، فلا يجوز لها اتّهامك بعمل السحر بغير بينة، ولا يجوز لك في المقابل اتّهامها بعمل السحر من غير بينة، والأصل في المسلم السلامة؛ حتى يتبين خلافها، وقد نهى الله تعالى عن سوء الظن، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ... {الحجرات:12}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني