الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحدّث مع من يقوم بالمعاصي وممازحته

السؤال

ما حكم التحدث وممازحة من يقوم بالمعاصي، أثناء قيامه بها؟ مع العلم أن الشخص لا يشارك معه في فعل المعصية، كمن يشاهد نساءً متبرجات في هاتفه، فهل يحرم التحدّث إليه وهو يشاهدها؟ وماذا إن كان يفعل شيئًا مختلفًا فيه، وأراه أنا حرامًا، وهو يراه جائزًا؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن كان يفعل شيئًا مجمعًا على تحريمه؛ كالنظر إلى المتبرّجات، ونحو ذلك؛ فالواجب نهيه عن المنكر، فإن لم ينتهِ، فالذي ينبغي هجره، إن كان في ذلك استصلاح له.

وأما الانبساط معه في الحديث -حال ارتكابه للمنكر، وكأنه لا شيء يحصل-؛ فهو كالإقرار على المنكر، وهو لا يجوز، قال الله تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ {المائدة:78-79}، وقد روى أبو داود، والترمذي -وقال: حديث حسن- من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، اتَّقِ اللَّهَ، وَدَعْ مَا تَصْنَعُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ، فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ، وَشَرِيبَهُ، وَقَعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ، ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، ثُمَّ قَالَ: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إِلَى قَوْلِهِ: فاسِقُونَ، ثُمَّ قَالَ: كَلَّا، وَاللَّهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، أَوْ تَقْصُرْنَهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا.

وأما المختلف فيه: فلا يجب إنكاره.

ومن ثم؛ فلا حرج في مكالمة من يفعله، والجلوس إليه، ما دام يرى جوازه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني