الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طواف النبي بالكعبة بوجود الأصنام

السؤال

هل طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكعبة، وكانت الأصنام موجودة، أي قبل الفتح؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكعبة مع وجود الأصنام، بعد فتح مكة، واستسلام أهلها، وقبله.

فقد جاء في صحيح مسلم: وأقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أقبل إلى الحجر، فاستلمه، ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال: وفي يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوس، وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول: {جاء الحق وزهق الباطل} [الإسراء: 81]، فلما فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا عليه حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه، فجعل يحمد الله، ويدعو بما شاء أن يدعو. اهـ

قال الشوكاني في نيل الأوطار: قوله: (بسية القوس) سيةُ القوس: ما انعطف من الطرفين لأنهما مستويان وهي بكسر السين المهملة وفتح الياء التحتية مخففة. اهـ

وفي دلائل النبوة للبيهقي بسنده عن عبد الله بن مسعود، قال: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة يوم الفتح، وحول البيت ثلاثمائة وستون نصبا، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول [جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد] [جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا]. رواه البخاري عن صدقة بن الفضل. ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وغيره كلهم عن سفيان. انتهى

وقال ابن كثير في البداية والنهاية: وقال ابن هشام: حدثني من أثق به من أهل الرواية في إسناد له عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة [عن ابن عباس] أنه قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة يوم الفتح على راحلته، فطاف عليها، وحول الكعبة أصنام مشدودة بالرصاص، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يشير بقضيب في يده إلى الأصنام ويقول: "جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" فما أشار إلى صنم منها في وجهه إلا وقع لقفاه، ولا أشار إلى قفاه إلا وقع لوجهه، حتى ما بقي منها صنم إلا وقع. اهـ

وقال الشيخ منير الغضبان في كتابه: المنهج الحركي للسيرة النبوية: ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة بعد أن أعلنت استسلامها الأخير، وكان أول ما يقصده الذي يدخل مكة هو البيت. ولا بد أن نقارن بين طوافين. لقد كان الطواف الأول في عمرة القضاء، والمسلمون معه، والأصنام الثلاثمائة والستون تملأ فجاج الكعبة، وأركان البيت. ولكنه كان عاجزا عن المساس بها، وليس له الحق في ذلك؛ إذ إن دخول الكعبة في عمرة القضاء دخول سلمي بحماية قريش وموافقتها، فطاف والأصنام قائمة.

أما اليوم؛ فقد اختلف الأمر، لقد دخل مكة فاتحا، واستسلمت بعد قتال، غزيت بعد نقض للعهد، فالسلطة العليا له، ولا عهد لأحد عليه، فكان أول ما أقدم عليه -صلى الله عليه وسلم- هو تحطيم الأصنام. (فما أشار إلى صنم منها في وجهه إلا وقع لقفاه، ولا أشار إلى قفاه إلا وقع لوجهه، حتى ما بقي منها صنم إلا وقع). اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني