الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من العقوق رفض العمل في الأمور المحرمة

السؤال

لي عند سيادتكم بعض الأسئلة التي تؤرقني هذه الأيام كثيرافبعد أن هداني الله تعالى على أيدى سيادتكموبعد أن نويت إن شاء الله الحج هذه الأيام وفي انتظار التأشيرةفهناك بعض الأسئلة التي أود من سيادتكم الاستفسار فيها بكل وضوحنظرا لأنها أمور يوجد فيها اختلاف عند الذين أسألهم
أولا :إني من مواليد 1974 و حاصل على بكالوريوس هندسة قسم ميكانيكا-هندسة الإسكندرية - عام 1996وكغيري من الشباب فلم أشتغل بهذه الوظيفة واشتغلت مع والدي فعنده مطبعة كبيرة هنا في طنطانقوم بطباعة كل شيء على ورق مثل المجلات والكتب والكراريس والكشاكيل والعلب وغيرهاثم قام والدي بفتح مكتب لي لعمل التصميمات وفصل الألوان - أى عمل الافلام الاكلشيهات الخاصةبهذه المطبوعات( والتي يأخذوها مني ثم يقومون بعد ذلك بالطباعة) منذ عام 1998 والآن بعد أن فتح الله علي وأصبح عندي 13 مصمما وموظفا وأصبحت أعمل شغل مطبعة أبي ومعظم المطابع التي حولنايوجد ما يورقني هذه الأيام وهي نعمل أغلفة الكتب الخاصة بالمسيحيينوكل الشغل الخاص بهم من كروت أربعين أوكتب خاصة بالكنيسة أو نتائج أو كتب القسيسين وغير ذلك والمقصود هنا بشغل المسيحيين هو الشغل وليس الشخص يعنى كتب الدين المسيحي
فهذا هو الموضوع الأول أنا من داخلى لا أريد هذا الشغل ولكني أعمله من أجل مطبعة أبي والله يعلم ذلكولكني أجد نفسي غير راض عن ذلك في نفسيوقد سألت أبي فطلب مني أن أفعله ولم أجد منه رفضا لذلكوقد سألت بعض المشايخ فمنهم من قال إن هذا جائز ومنهم من قال إن هذا غير جائز مطلقا
فإني أريد من سيادتكم ردا قاطعا وكيفية تنفيذه هل يكون على تدريج أم يكون قاطعاوكيف أقنع أبي في حالة الرفض
خاصة وإني سوف أقوم بالحج إن شاء الله هذه السنة ولا أريد أن أرجع إلى أي شيء يغضب الله بعد هذه الحجة
ثانيا : أقوم أيضا بعمل التصميمات الخاصة بعلب مصانع الدخان في مصر( علب المعسل )وأيضا لا أعملها لأي أحد غير مطبعة والدي
فما رأي سيادتكم في ذلك أيضا

الإجابــة

الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن العلماء اشترطوا لجواز عمل المسلم للكافر أن لا يعمل في شيء محرم كعصر الخمر ورعي الخنزير والتجسس على المسلمين، ومن ذلك أيضا أن لا يعمل لهم عملا يحصل منه تعظيم دينهم، كتغليف كتبهم الدينية، والكتب الخاصة بالكنيسة أو كتب القسيسين، فكل ذلك مما لا يجوز، لأنه إعانة لهم على دينهم وعقيدتهم الفاسدة، واعتراف بما هم عليه، وكما أن هذه لا يجوز العمل فيها، فإن العمل في التصميمات الخاصة بعلب مصانع الدخان لا يجوز أيضا، ففي كل من هذا وذلك تعاون على الإثم والمعصية، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (المائدة: 2).

ثم اعلم أن فعلك هذا لا يبرره كونه من أجل مطبعة أبيك، فإن واجبك نحو أبيك أن تبره وتحسن إليه وتقوم بكافة حقوقه، وتطيعه في كل معروف يأمرك به، وأما إذا أمرك بمعصية، فلا طاعة له حينئذ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه الشيخان.

وروى أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأما عن كيفية رفض هذا الأمر إذا جاء من الأب، فالأحسن أن يكون بالحكمة، كما أمر الله تعالى، حيث قال: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (النحل: 125)، فتبدأ أولا بتعريفه الحكم الشرعي في الموضوع، ثم تذكره بوجوب طاعة الله وحرمة معصيته، وأن هذه النعمة التي أنعم الله عليكم بها تستوجب منكم الشكر، ومن تمام شكر النعمة أن تصرف في طاعة الله، ويُنأى بها عن معصيته، وفي ذلك وعد سبحانه وتعالى بالزيادة في الإنعام. قال: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (ابراهيم: 7) فإذا يئست من إصغائه لذلك وعرفت أنه لا يقبله بحال من الأحوال، كان من حقك ومن واجبك أن ترفض العمل في الأمور المحرمة رفضا باتا، وليس ذلك حينئذ من العقوق، بل ستكون مثابا عليه إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني