الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شكر الله لاحتضان المرأة لشخص مكتئب على سبيل العلاج

السؤال

ما حكم شكر الله على الحرام؟ مثلا امرأة جميلة حضنتني، وأنا أراها نعمة عظيمة، والله لا أستخف، أشكر الله صدقا.
أنا أعزب ووحيد وانطوائي وعندي صعوبة في التواصل الاجتماعي. وفشلت، طيلة حياتي أعاني من آلام وأحزان، واكتئاب، وكذلك فكرت في الانتحار. ودائما كنت أبحث عن معجزة من الله. أردت المودة والرحمة في الزواج وفشلت، لا أستطيع أن أقيم علاقات لا في الحلال ولا الحرام. فأنا انطوائي جدا.
في أوروبا توجد أماكن لحضن الناس الوحيدين والمكتئبين، والذين عندهم فوبيا اجتماعية. تدفع فلوسا £60 للساعة، تحضنك المرأة مع الملابس من غير فحش، حضنتني امرأة جميلة، والله إنها من أعظم النعم، شكرت الله وسبحته تعظيما له، ليس للاستخفاف. فقد أنستني كل هموم الدنيا، حتى أنستني أني من أصحاب جنهم، ليس يأسا من رحمة الله، بل بغضا وتحقيرا لنفسي. دائما أنا سلبي، وألعن نفسي.
أشكو لهذه المرأة من همومي، فتمتعني وتواسيني. كلما حضنتها أشكر الله، ومرضي النفسي عظيم، أحقر نفسي بشدة، أنا سلبي.
كيف لامرأة جميلة أن تحضنني، وأنا إنسان حقير ومهزوم، وأبغض نفسي وألعن نفسي. هذه معجزة، والله إني مسلم وأصلي خمس مرات حتى إذا ذهبت إلى بيتها لا تمانع، تحترمني وأصلي في بيتها، وأذهب هناك مثل العلاج النفسي لا للجنس.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنود أن نبين لك ابتداء أن الأمر ليس على ما تزعم من كونك في نعمة عظيمة تستوجب أن تشكر الله عليها، بل الواقع أنك في فتنة كبرى.

فما تحس به من ارتياح نفسي، وسعادة قلبية ومشاعر طيبة متوهمة، قد تتضمن نوعا من الاستدراج.

فقد بينت السنة الصحيحة أن إسباغ الله -تعالى- الخير للعصاة من مؤشرات الاستدراج. روى أحمد في مسنده عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج. ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. [الأنعام: 44].
ولا يجوز للرجل أن يمس امرأة أجنبية عنه، ولا أن يمكنها هو من مسه، فعن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد، خير له من أن يمس امرأة لا تحل له.

قال المناوي في فيض القدير: وإذا كان هذا في مجرد المس الصادق بما إذا كان بغير شهوة، فما بالك بما فوقه من القبلة، والمباشرة في ظاهر الفرج. انتهى.

فيجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح من هذه المعصية القبيحة التي أنت مقيم عليها، بالإقلاع عنها، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل، ولمزيد الفائدة، راجع الفتوى: 29785.

وأما أن تشكر الله -تعالى- على فعل تلك المعصية المنكرة، فهذا أمر عظيم، وإثم مبين، وقد يؤدي بصاحبه للكفر، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 350770.

واعلم أن الله -سبحانه- لم يجعل شفاء أحد فيما حرم عليه، كما ثبتت بذلك السنة النبوية الصحيحة، ويمكن مطالعة الفتوى: 359158.

فهذا المسلك الذي سلكته في العلاج محرم، وسبب لخسران الدنيا والآخرة، فيجب عليك التوبة من ذلك فورا.

وإن في الحلال غنىً عن الحرام، فقد جعل الله لكل داء دواء، ثبت في مسند أحمد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنزل الله عز وجل داءً إلا أنزل له دواء، عَلمه مَن عَلِمه، وجَهِله من جَهِله.

فإن كنت حقا مريضا نفسيا وترجو الشفاء، فاجتهد في البحث عن سبيل مشروع للعلاج، والاستعانة في ذلك بالثقات من أهل الاختصاص في الطب النفسي أو غيره، هذا بالإضافة للدعاء وغيره، فالله -سبحانه- هو من يجيب دعوة المضطر ويكشف الضر، قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}، وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى: 341080.
وفي الختام نلفت نظرك إلى أن في موقعنا محورا للاستشارات، فيمكنك الكتابة إليهم والاستفادة من توجيهاتهم، وهي على هذا الرابط:

https://islamweb.net/ar/consult/

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني