الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صراع الإنسان مع الشيطان.

السؤال

هل الإنسان مستقل أم مزدوج!! كيف ممكن فهم العلاقه بين الإنسان والشيطان!! أرجو أن يكون الجواب وافياً وشافياً.؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فعلاقة الإنسان مع الشيطان علاقة صراع وتحدٍ من قديم الزمان، وقد بدأت عندما دُعي الشيطان للسجود لأبينا آدم عليه السلام فأبى واستكبر كما حكى ذلك القرآن، قال تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى) [طه: 116]، وكما هو معلوم فقد توعّد الشيطان بني آدم وأقسم بعزة الله ليغوينهم: (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين) [ص:82ـ 83]. واغواؤه مستمر لبني آدم إلى يوم القيامة، لكن ليس له سلطان على المؤمنين المتقين، قال تعالى: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون* إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) [النحل99، 100] وقد أخبر الله أن كيد الشيطان ضعيف رغم ما أوتي من سبل الإغواء: (فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) [النساء: 76]. والمسلم إذا التزم بمنهج الله حقاً ابتعد عنه الشيطان، قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر: "ما رأك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً آخر يا عمر" رواه البخاري ومسلم. وما ذلك إلا لقوة عمر في الحق وصدقه في اتباع المنهج الرباني، والواجب على المسلم الحذر من الشيطان قال تعالى: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) [فاطر: 6]، وقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) [النور: 21].
ومن هنا فاعتصام المسلم بالكتاب والسنة، وطاعته لله ورسوله، هو السبيل الوحيد للنجاة من الوقوع في الزيغ والضلال ومن سبل الشيطان، فعليك أخي المسلم بتعلم العلم النافع، وتلاوة القرآن، ومجالسة العلماء والصالحين والإكثار من ذكر الله، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم وغير ذلك، إذا فعلت ذلك لم يكن للشيطان عليك سبيل، والشيطان نفسه هو الذي أرشد أبا هريرة كما في صحيح البخاري إلى قراءة آية الكرسي حيث قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: "صدقك وهو كذوب".
وأما سؤالك هل الإنسان مستقل أم مزدوج؟
فالجواب أنه مستقل وحر وقد وهبه الله الحواس ليدرك بها ويعقل ويميز الخبيث من الطيب، وأرشده إلى الخير، وحذره من الشر: (إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً) [الإنسان: 3]. أما إن كان قصدك بالازدواجية أن يكون المرء مسلوب الإرادة مجبوراً مقهوراً، فالحال يختلف في علاقتنا مع الشيطان لأنه ضعيف، وكيده ضعيف كما تقدم، ولو كان الازدواج موجوداً بيننا وبين الشيطان لما كان فينا الصالحون والأبرار، ولتعطلت التكاليف، وضاعت الشرائع، لكن الشيطان عدوٌ متربص وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" لكن إذا سمع الشيطان ذكر الله خنس أي: تأخر وابتعد. وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: "إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء" رواه مسلم، وقال أيضاً: "إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله تعالى خنس، وإن نسي الله التقم قلبه" أخرجه أبو يعلى في مسنده، والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أنس رضي الله عنه.
فعلى المسلم الاعتصام بذكر الله ليحصنه من الشيطان ووساوسه. والله اعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني