الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

امتناع صاحب الحقّ من أخذ ماله إلا بعد معرفة السارق

السؤال

أخذت من شخص مالًا بطريقة غير مشروعة منذ زمن، وهو لا يعلم أني أخذت منه شيئًا، فذهبت لأعطيه المال، وقلت له: إن هذا المال أخذه شخص منك منذ زمن، وأراد أن يرجعه، فأصرّ على معرفة ذلك الشخص، فقلت له: إنه لا يريد ذكر اسمه، ورفض أخذ المال؛ لأنه لا يعرف من أرسله له، ولماذا؟ وبعد أن أخذ الظرف في يده، تركه أمام باب شقته، وأنا أيضًا تركته ولم آخذه، فهل أكون قد قضيت دَيني، وبرئت ذمتي من حقّه عليّ؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقول السائل: (لأنه لا يعرف من أرسله له، ولماذا) لا يصح؛ فهذا الشخص وإن كان لا يعرف شخص من أرسل إليه هذا المبلغ، إلا أنه قد عرف السبب، حيث قيل له: (هذا المال أخذه شخص منك منذ زمن، وأراد أن يرجعه)، فاتضح بذلك السبب، وبقي الاسم مجهولًا.

وعليه؛ فما دام أن هذا الشخص علم أن هذا ماله، وقدر على أخذه، وأمكنه السائل منه، فقد برئت ذمّته من هذا الحق.

وقضاء الحقوق يحصل بمجرد التمكين منها، بحيث لو أراد صاحبها أخذها استطاع، فامتنع هو مع القدرة على الأخذ؛ ولذلك جاء في «البحر الرائق شرح كنز الدقائق» منقولًا عن كتاب: النوازل: إذا قال المديون لرب المال: "والله، لأقضين مالك اليوم" فأعطاه، ولم يقبل؟ قال: إن وضعه بحيث تناله يده لو أراد، لا يحنث. والمغصوب منه إذا حلف أن لا ‌يقبض ‌المغصوب، فجاء به الغاصب، وقال: سلّمته إليك، فقال المغصوب منه: لا أقبل، لا يحنث، ويبرأ الغاصب من ضمان الرد. اهـ.

وبراءة الغاصب من الضمان مبناها على الحكم بقضاء الحق؛ رغم أن المغصوب منه لم يقبل؛ وذلك لأنه مكّنه من حقّه، فلم يقبضه مع القدرة عليه، وجاء في «تنقيح الفتاوى الحامدية»: برَّ بحلفه: "لأقضينّ مالك اليوم" لو وجده، فأعطاه فلم يقبل، فوضعه بحيث تناله يده لو أراد قبضه، وإلا لا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني