الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحدّث الشاب مع زميلته في الجامعة عن أمور الدراسة

السؤال

تعرفت إلى فتاة تدرس معي في الجامعة، وأعجبني حسن أخلاقها، وحجابها، ودِينها، وأصبحنا نتحدث عبر الماسنجر عن الدراسة، وعندما بدأت أحس بشيء تجاهها أردت الخوض في حديث غير الدراسة، لكنها طلبت مني التحدّث عن الدراسة فقط، إلى أن صارحتها بمشاعري، وأني أريد الزواج منها -إن قبلت- على سنة الله ورسوله، وأن نبقي حديثنا حول الدراسة فقط.
منذ ذلك الحين ونحن تتحدث عبر الماسنجر من حين لآخر، وأنا لا زالت عاقدًا النية على طلب الزواج منها فور حصولي على عمل.
وفي هذه الأيام أصبحنا لا نتحدث كثيرًا، وارتحت لذلك؛ حتى وإن لم أخض معها في ما يغضب الله، إلا أنني أردت دومًا المحافظة على دِيني وعفّتي وعفّتها أيضًا، مع العلم أننا لا زلنا ندرس مع بعض.
راودني فضول لأبحث عن حسابها في الفيسبوك دون نية اتّباع زلاتها، وبالصدفة رأيت منشورًا لها في إحدى المجموعات تسأل عن طريقة شدّ الكرش، وعن التمارين والأطعمة التي تكبّر المؤخرة، مع أن الظاهر أنها لا تحتاج لذلك.
غضبت عندما رأيت ذلك المنشور، وأرسلت لها ما رأيت، وحاولت أن أشرح لها قبح ما فعلت، فهي غير متزوجة، ولم أجد سببًا لتبحث عن ذلك، وقد ترددت كثيرًا قبل أن أفعل ذلك.
وبعد أن رأت رسالتي عاتبتني على تتّبع زلاتها، وأنها لا ترى مشكلة في ذلك، وأنه لا يحقّ لي التدخّل في أمورها، واحتجّت أن النساء يحببن أن يكون مظهرهنّ حسنًا، وكنت دائمًا ما أدعو الله أن يجعلها زوجتي؛ لما رأيت منها من صلاح، وكنت دائمًا أدعو الله أن يغفر لي ولها، إن كنا تكلمنا بشيء لا يرضيه، وإن لم يحصل ذلك، فقامت بإغلاق حسابها، وقمت بحذفها أيضًا، ولم أدع أي وسيلة لأتصل بها من جديد.
ندمت على إرسال ذلك المنشور لها؛ لأنه لا يجوز لي الحديث في ذلك وأنا لم أتقدّم لها، والله يشهد أني لم أرد منها إلا أن تكون زوجة صالحة لي بما يرضي الله، فهل ظلمتها، ويجب عليّ الاعتذار؟ وهل ينبغي لي صرف النظر عنها، ونسيان أمر الزواج منها؟ خاصة أنها لا تبادلني نفس الشعور، ودائمًا ما تردد أن الزواج قضاء وقدر كلما فتحت معها موضوع الزواج، وما الذي ينبغي عليّ فعله الآن، مع العلم أننا لا زلنا ندرس مع بعض؟ أنا في حزن شديد، ولا أريد ظلمها، حتى وإن رأيت أن ما فعلت قبيح، وأنه كان ينبغي لي نصحها بطريقة أخرى. جزاكم الله خيرًا، بارك فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبق أن بينا عظم فتنة الرجال بالنساء، وأن الشرع قد وضع حدودًا للتعامل بينهما؛ وذلك لأجل ما هو مركوز في غريزة كل منهما من الميل للآخر، وحذرًا مما يمكن أن يقود إلى الفتنة، فيمكن مطالعة الفتوى: 33105.

وقد شدد الفقهاء أيما تشديد في كلام المرأة مع الرجال، وخاصة الشابة، ونقلنا نصوصهم في ذلك في الفتوى: 21582.

فاستمرارك في المحادثة مع هذه الفتاة، لا يجوز، والدراسة لا تسوّغ لكما ذلك؛ فالواجب التوبة والانتهاء عن ذلك تمامًا.

وقد أصبت في تسميتك ما قمت به من البحث أنه فضول، فهو كذلك، وقد ثبت في سنن الترمذي، وسنن ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

فلو أنك شغلت نفسك بما يعنيك، لكنت في عافية من هذه الهموم والهواجس.

وما ينشر في الفيسبوك متاح ليطلع عليه الجميع، فليس فيما فعلت تتّبع لزلاتها، ولست ظالمًا لها بما فعلت، ولكن يجب عليك قطع كل علاقة معها.

وإن تيسر لك في مستقبل الأيام الزواج منها، فذاك، وإلا فسيكون لكل منكما ما قدّر له.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني