الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المعاصي تحبط ما يقابلها من الحسنات

السؤال

روى ابن ماجة:4245. عَنْ ثَوْبَانَ -رضي الله عنه- عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هَبَاءً مَنْثُورًا. قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِن اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا.
كيف نوفق بين هذا الحديث، وبين قوله -تعالى- في سورة الزلزلة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8). وحديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه. متفق عليه.
وقوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ.
وأنا أقصد كيف تمحو معاصي السر، حسنات السر، فهي ليست شركا حتى يحبط العمل بالكامل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإحباط السيئات للحسنات هو إحباط موازنة، كما بينه المحققون من العلماء، فكما تذهب الحسنات السيئات، فكذلك السيئات قد تذهب الحسنات، وهذا المعنى قد أوضحناه في الفتوى: 180787.

فهؤلاء القوم لما كثرت معاصيهم في السر، وأظهر ذلك استخفافهم بمشاهدة الله لهم واطلاعه عليهم، كانت سيئاتهم تلك محبطة لحسناتهم، والله -تعالى- حكم عدل لا يظلم الناس شيئا.

ولا تنافي بين هذه النصوص المفيدة لإحباط السيئات لبعض الحسنات، وبين قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {الزلزلة:7}. لأنه يراه، ويراه قد حبط بالسيئات التي ارتكبها.

والشرك هو الذي يحبط العمل كله، وأما المعاصي فتحبط ما قابلها من الحسنات، ولا تحبط العمل بكماله، كما بيناه في الفتوى المحال عليها.

وأما الحديث المذكور، فلا تعلق له بمسألة إحباط الأعمال والتي هي محل السؤال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني