الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الواجب على الوالدين التسوية بين جميع الأولاد في الهبة

السؤال

نحن عائلة مكونة من الأب والأم، و8 من الأولاد: عبارة عن 4 بنات كلهن متزوجات، ويقمن في منازل أزواجهن. و4 أبناء. ثلاثة منهم متزوجون، وكل واحد منهم يسكن في منزله الخاص الذي بناه من ماله الخاص، على قطعة أرض أعطاها لهم والدهم، والتي سيتم ذكرها بالأسفل.
كنا نعيش في منزل واحد هو منزل العائلة، ولا يمتلك أبي أي أراض أو عقارات. ومنذ 15 سنة، اشترى أبي قطعة أرض؛ لنبني عليها منازلنا. كانت مساحة الأرض كاملة 26 في 60. أعطى أبي لأخي الأكبر ربع الأرض، وبنى عليها منزله الخاص، ثم أعطى لأخي الذي يليه الربع الثاني، وبنى عليه منزله الخاص، وأعطى لأمي الربع الثالث؛ كي تبيعه، وتأخذ فلوسه لتعمل بها عمرة في مكة المكرمة.
أما الربع الرابع، فأعطاه لي، فبنيت عليه منزلي الخاص، ولكن منزلي كبير، وقد أخذ جزءا من الأرض التي كان قد أعطاها أبي لأمي -أمي موافقة وغير معارضة- فقالت لي أمي: بدلا من أن أبيع أرضي لشخص غريب، سأبيعها لك، مقابل أن تذهب في عمرة على حسابي، في حياتها. أو أن أعمل عمرة بالنيابة عنها في حالة مماتها. وقد أبديت الموافقة على هذا العرض.
هل لو قبلت بهذا العرض أكون قد ظلمت إخواني الآخرين، مع العلم أن أبي موافق تماما، وأتوقع أن إخواني سيوافقون؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا، وجوب التسوية بين الأولاد -ذكورهم وإناثهم- في الهبات والعطايا، ما لم يكن لبعضهم حاجة تقتضي تفضيله. وراجع الفتوى: 6242
فلا يجوز لأبيك أن يعطي الأرض لأبنائه، أو لبعضهم، دون الإناث، ولكن عليه أن يسوي بين جميع أولاده في العطية.
ولا يصحّ أن يحتج بأنّ البنات يسكنَّ مع أزواجهن، والذكور يحتاجون إلى السكن، فيسوغ تفضيل الذكور بالأرض للبناء عليها. فهذا لا يصحّ؛ لأن حاجة السكن تندفع بالإعارة أو الإجارة، ولا يتعين السكن في بيت مملوك، وانظر الفتوى: 160469
وكذلك لا يجوز لأمّك أن تحابيك في بيع نصيبها من الأرض؛ لأنّ المحاباة في البيع كالهبة، فلا يجوز لأمّك أن تفضلك على غيرك من إخوتك في الهبة، وانظر الفتوى: 45188
وعليه؛ فالواجب على والديك التسوية بين جميع الأولاد في الهبة، إلا إذا رضي الجميع بطيب نفس بتفضيل بعضهم على بعض؛ فلا حرج في ذلك.

جاء في غاية المنتهى، في جمع الإقناع والمنتهى: وَحَلَّ تَفضِيلٌ بِإِذْنِ بَاقٍ، وَإِلَّا أَثِمَ. وَرَجَعَ إنْ جَازَ، أَوْ أَعْطَى، حَتَّى يَسْتَوُوا، فَلَوْ زَوَّجَ أَحَدَ ابْنَيهِ بِصَدَاقٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَجَبَ عَلَيهِ إعْطَاءُ الآخَرِ مِثلَهُ. انتهى.
أمّا إذا لم يرض جميع الإخوة؛ بالتفضيل؛ فلا يجوز لك قبول تفضيلك في الهبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني