الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قبول الفتاة بشخص لم يتبين كونه مرضي الدِّين والخُلُق

السؤال

تقدّم لخطبتي شاب لا توجد فيه المعايير التي أريدها للزواج من الناحية الدينية، فهو غير مواظب على الصلاة، وليس على علاقة بكتاب الله، ولا يهتم بتحصيل العلم الشرعي، وقد علمت ذلك منه شخصيًّا، وكان الرد بعدم قبوله، فظلّ يرسل والدته، ويحدّث أقاربي مرارا، وتمسكت بالرفض.
ومن خلال مصاحبته لأخي، علمت أنه بدأ يواظب على الصلوات، ويحفظ القرآن، وبدأ في شراء الكتب الدينية للتعلّم، وظل يحدث أخي برغبته في التقدّم مرة أخرى؛ فوافقت.
وتقدّم مرة ثانية، وتحدّثت معه عن الضوابط التي أريدها -كعدم الخلوة، والحديث عند الضرورة فقط، وغيرها-، ووافق في البداية، ولكنه مع مرور الوقت بدأ يختلق موضوعات غير مهمة للتحدّث معي.
وعندما تحدثنا عن عدم رغبتي في إقامة خِطبة غير شرعية، وجدته مخالفًا لي، ويرى أنني أتشدّد كثيرًا، وهكذا كان رأيه أيضًا عندما حدّثته عن رغبتي في ارتداء النقاب.
أحيانًا أرى فيه الخير، وأحيانًا أخرى أراه يخالفني في أمور يجب عليه -كونه مسلمًا- تأييدها، وليس رفضها، وآخر ما قمت به هو نصحه بأننا يجب أن نخالف أهواءنا، ونتبع ما يرضي الله، حتى وإن كان عكس رغباتنا.
أشعر أنني سوف أبذل معه مجهودًا كبيرًا، كان من الممكن عدم بذله إذا كنت مع الشخص المناسب، وأخاف أن أظل معه هكذا في أمور حياتنا المستقبلية.
أشعر أحيانًا بانقباض في قلبي، وخوف شديد من الخطأ في الاختيار في أمر كهذا، وأريد نصيحتكم. جزاكم الله خير الجزاء، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأنت على صواب في خشيتك من الخطأ في الاختيار في أمر الزواج؛ فالحياة الزوجية مشوار طويل، ومعاشرة قد تستمر لسنين عددًا.

ولذلك ينبغي للمسلمة أن تتحرّى في تحقق ما يعين على استقرارها وديمومتها، ومن ذلك أن يكون الخاطب ممن يرتضى دِينًا وخُلُقًا، كما أرشدت لذلك السنة النبوية، كما في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دِينه وخلقه؛ فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

وجاء في شرح السنة للبغوي عن الحسن البصري أنه أتاه رجل، فقال: إن لي بنتًا أحبّها، وقد خطبها غير واحد، فمن تشير عليّ أن أزوجها؟ قال: زوِّجها رجلًا يتقي الله، فإنه إن أحبّها، أكرمها، وإن أبغضها، لم يظلمها.

ولا ننصحك بالموافقة على زواجك من شخص لم يتبين كونه مرضي الدِّين والخُلُق.

ولا ينبغي الاغترار بما يقوله الخاطب، أو ما يتظاهر به، بل الأفضل أن يسأل عنه من عاشره، وتعامل معه، وعرف مدخله ومخرجه. فإن أثنوا عليه خيرًا، فلا بأس بقبوله زوجًا، وإلا فالأولى تركه.

وينبغي الاستخارة في أمره، وتفويض الأمر لله تعالى؛ ليختار لك ما هو أصلح.

وانظري لمزيد لفائدة الفتوى: 19333، والفتوى: 123457.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني