الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب المأموم الذي لم يستطع إكمال الفاتحة قبل ركوع الإمام

السؤال

على القول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة السرية والجهرية، وعلى القول بسقوطها إن هو أدرك الإمام قبيل الركوع، ولم يستطع إكمال قراءتها.
السؤال هو: إذا صليت مع الإمام من البداية، وحدث في إحدى الركعات أو بعضها أني لم أستطع إكمال الفاتحة؛ لتلعثمي أو لإبطائي في القراءة أو لإسراع الإمام. فهل أركع اتباعاً للإمام، وتسقط عني بقية الفاتحة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالبنسبة للمذاهب الأربعة: فإن الشافعية هم القائلون بوجوب الفاتحة على المأموم في السرية والجهرية، وأنه يتخلف لإتمامها إذا ركع الإمام، وهم لا يسوون بين المأموم الذي أدرك الصلاة مع الإمام من أولها، وبين من دخل قبيل ركوع الإمام ولم يدرك لقراءة الفاتحة إلا زمنا يسيرا لا يسعها. فإنهم في هذا يقولون يتابعه، وتسقط عنه بقية الفاتحة، ولا يقولون بسقوطها عن الأول.
قال في أسنى المطالب: وَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ (وَالْمَسْبُوقُ) الَّذِي لَمْ يَشْتَغِلْ بِافْتِتَاحٍ وَتَعَوُّذٍ (فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ، تَابَعَهُ) فِي الرُّكُوعِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ بَقِيَّتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَ مَا قَرَأَهُ (وَأَجْزَأَهُ) كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ تَسْقُطُ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ وَيَرْكَعُ مَعَهُ وَيُجْزِئُهُ. اهــ.
وأما المأموم الذي أدرك مع الإمام محل قراءة الفاتحة -ويسمونه المأموم الموافق- فالصحيح عندهم أنه يتخلف لإتمام الفاتحة إذا ركع إمامه قبل أن يتمها هو، وقيل يركع مع الإمام كما سيأتي، وكونك بطيء القراءة، هذا عذر عندهم في التخلف.

قال الإمام النووي في المجموع، عند ذكره لأعذار تخلف المأموم عن الإمام إذا ركع لإتمام قراءة الفاتحة: وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ بَطِيء الْقِرَاءَةِ؛ لِضَعْفِ لِسَانِهِ وَنَحْوِهِ، لَا لِوَسْوَسَةٍ. وَالْإِمَامُ سَرِيعَهَا، فَيَرْكَعَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمَأْمُومُ الْفَاتِحَةَ. فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا جماعة من الخراسانيين، والرافعي، أَحَدُهُمَا يُتَابِعُهُ وَيَسْقُطُ عَن الْمَأْمُومِ بَاقِيهَا، فَعَلَى هَذَا إنْ اشْتَغَلَ بِإِتْمَامِهَا كَانَ مُتَخَلِّفًا بِلَا عُذْرٍ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْأَكْثَرُونَ، لَا يَسْقُطُ بَاقِيهَا بَلْ يَلْزَمهُ أَنْ يُتِمَّهَا، وَيَسْعَى خَلْفَ الْإِمَامِ عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ. اهـ.
وأما غير الشافعية، ونعني الحنابلة والمالكية والحنفية، فإنهم لا يقولون بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، وانظر الفتوى: 121558.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني