الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكلام مع الأجنبية والدخول على حسابها بإذنها

السؤال

أشكركم على كل مجهوداتكم المبذولة.
أنا شاب عمري 18 سنة. قبل 3 سنوات تعرفت على فتاة أصغر مني بسنة، وكانت بداية علاقتنا في الكلام عن مواضيع عامة، وأحيانا دينية. وبعد مرور 24 يوما، اعترفنا بحب بعضنا بعضا، وأصبحت العلاقة رويدا رويدا من مواضيع عامة الخ، إلى إرسال صور وفيديوهات. ولقد أغواني الشيطان، وقد قمت بلمس يدها وتقبيلها، والتقاط الصور معها، وتحدثنا في الأمور الجنسية.
بعد مدة أصبحت أقبل على الدين أكثر، وأردت أن أتوب إلى الله، ولم أرض في نفسي أن تكون أختي في علاقة سرية مع أجنبي. فكيف أكون أنا مع بنت أجنبية دون علم أهلها! وقررت أنه يجب علينا التوقف عن إرسال الصور والأمور الخبيثة التي فعلناها. وأخبرتها بذلك، فلم يعجبها الأمر -بخصوص قطع العلاقة- ظنت أنني أخونها، أو هذا عذر للتهرب منها.
وبعد مدة تجاوزت الأسبوعين أيقنت أن ما قلته حقيقي، وأنني لا أريد الانفصال عنها، وأصبحت أعدها بكلام ينص على أنني سأبذل قصارى جهدي للتزوج منها، وعلى أنني لن أضيف بنات في حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووضعت قواعد أنني لن أكلمها إلا وقت الحاجة؛ لأنها تدرس معي في نفس الصف، وتجلس في الطاولة المجاورة، ونحن متفوقان في الصف. وفعلا أصبحنا نتكلم وقت الحاجة الدراسية فقط، إلا أنها بدأت أحيانا تراسلني بدون حاجة، وتسأل عن حالي. وكنت أنهي الموضوع بسرعة؛ لكي لا أسترسل في الحديث معها. وحدث جدال بيننا، وقمت بحظرها على أساس أنها ستعقل مثل المرة السابقة، لكنها هذه المرة دخلت إلى حسابي ووجدتني أتكلم مع بنت غيرها بخصوص الدراسة، ولم أقم بحظر البنت، فهي تعجبت للأمر أنني حظرتها ولم أحظر تلك البنت، وقالت لي: يا خائن وقالت أمورا كثيرة، وإنني لست برجل، وكيف أخلف وعدي. هي تعرف أن قيمة الوعد عندي كبيرة جدا، ولا أخالف وعدا قطعته أبدا إلا هذه المرة.
وأنا حاليا تبت إلى الله -تبارك وتعالى- وتوجد عندي مشكلة أنني لا أستطيع منع نفسي من تفقد حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
هل هذا حرام؟ لأني حرفيا ما زلت أحبها حبا كبيرا.
وهل يجب علي الزواج منها؛ لأنني أخطأت معها، وحرفيا من خلال متابعتي لحساباتها، فقد خانت جل الوعود التي قطعتها لي، ولا أرى فيها الزوجة المناسبة.
فأسألكم -بارك الله فيكم- أفيدوني بحل يبرد صدري، فضميري يؤنبني على أنني خائن، ودراستنا في نفس الصف تحطمني داخليا. وخيانتها للوعود تزعجني، ولم أعد أعرف هل أنا على صواب أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الشرع الحكيم قد جاء بالتحذير من فتنة النساء، كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال، من النساء.

ومن اتبع هذا النهج كان في عافية، ومن خالفه فتح على نفسه أبواب الشيطان وغوايته، ووقع فريسة له ولفتنته، وهذا ما حدث معك وهذه الفتاة، وقد حذر الله -سبحانه- من الشيطان واستدراجه لبني آدم إلى المعصية، فقال في محكم كتابه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.

ولا تكون خائنا لها بمحادثتك لأخرى، سواء تحدثت معها لحاجة أو لغير حاجة، إلا أنك تأثم بالتحدث معها أو مع غيرها لغير حاجة.

وقد أحسنت بتوبتك مما حدث منك مع تلك الفتاة، وعليك بسلوك سبيل الاستقامة، واتخاذ ما يعين على ذلك.

وراجع فتاوانا: 1208، 10800، 12928.

ودخولك على حسابها بإذنها لا حرج فيه، إن لم يترتب عليه النظر لشيء محرم ونحو ذلك، ولكن نخشى أن يكون ذريعة للحرام بالتواصل معها على وجه غير مشروع، فكن على حذر، ولا تفتح على نفسك باب البلاء وأنت في عافية، خاصة وأن قلبك لا يزال متعلقا بحبها. ولمعرفة كيفية علاج العشق، انظر الفتوى: 9360.

وإذا رغبت في الزواج، فتحر ذات الدين والخلق التي تعينك في دينك ودنياك، وراجع الفتوى: 8757، والفتوى: 113879.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني