الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام من قسمت مجوهراتها في حياتها بين حفيداتها

السؤال

جدتي قبل موتها بسنين -رحمها الله- وهي في كامل قوتها العقلية قسمت الذهب الذي تملكه (وهو قلادة، وأسورة، وبروش) علينا أنا واثنتين من أخواتي.
علما أن جدي توفي وأبي صغير، وكان أكبر إخوانه، وعندما كبر عال إخوته، وحينها اشترى لها هذه المجوهرات، وجدتي لم يكن لها دخل، وكانت تعيش معنا في بيت واحد، وأوصت إحدى عماتي عن نيتها، وأقرت عمتي ذلك بعد مماتها.
سؤالي: هل يجوز أن نطبق وصية جدتي؟ وهل هذه المجوهرات حلال علينا؟ لأننا لسن من ورثتها، وهذه المجوهرات كانت كل الإرث لجدتي، وأنا أعلم أن الوصية لغير الوارث لا تتعدى الثلث.
جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كانت جدتك قد قسمت المجوهرات في حياتها بينكن -وهي في غير مرض مخوف-، وماتت قبل أن تقبضن تلك المجوهرات، فهذه هبة باطلة، وترد تلك المجوهرات إلى الورثة، وانظري الفتوى: 426328.

وأما إذا حُزْتُنَّ المجوهرات؛ فإن هذه هبةٌ ماضية، وليست وصية.

وأما إن كانت في مرض مخوف -ولو كانت عاقلة-، فإن هذه الهبة تأخذ حكم الوصية، والوصية لغير وارث بما لا يزيد على ثلث التركة تقع وصية صحيحة ماضية لا إشكال فيها، وإذا زادت على الثلث لم يمض منها إلا مقدار الثلث فقط، وما زاد فهو حق الورثة، إن شاءوا أخذوه، وإن شاءوا أمضوه.

قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ تَلْزَمُ فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَقِفُ عَلَى إجَازَتِهِمْ، فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ، وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَلَ. فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «قَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِسَعْدٍ حِينَ قَالَ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَبِالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَبِالنِّصْفِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَبِالثُّلُثِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ». وَقَوْلُهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ مَمَاتِكُمْ» . اهــ.

فإذا كنت أنت وأخواتك لستُنَّ وارثاتٍ لجدتك، وكانت المجوهرات التي أوصت بها لَكُنَّ هي كل تركتها -كما يفهم من السؤال- فهذا يعني أنها وصية بما يزيد على الثلث، فليس لكن من المجوهرات إلا مقدار الثلث فقط، وما زاد فهو للورثة، إلا أن يرضوا بإمضاء كل الوصية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني