الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نسيان المضمضة والاستنشاق في الغسل والإتيان بهما في الوضوء دون نية

السؤال

أثناء غسل الجنابة المجزئ نسيت أن أستنشق، وأتمضمض، لكني استنشقت، وتمضمضت بعد الاغتسال أثناء الوضوء للصلاة، ولم أكن أقصده للغسل، فهل غسلي صحيح؟ وهل صلاتي التي صليتها صحيحة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي نختاره في موقعنا، ونفتي به هو أن المضمضة والاستنشاق سنتان في الغسل، وليسا واجبين، وهو قول الشافعية، والمالكية.

وعليه؛ فإن غسلك وصلاتك صحيحان بكل حال، وانظر الفتوى: 17079.

وأما عند الحنابلة الموجبين للاستنشاق في الغسل؛ فإن ترك الموالاة لا يبطل الغسل عندهم، ولكن يوجب إعادة غسل ما ترك بنية، قال البهوتي في كشاف القناع شرح متن الإقناع: وَإِنْ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ) قَبْلَ إتْمَامِ الْغُسْلِ، بِأَنْ جَفَّ مَا غَسَلَهُ مِنْ بَدَنِهِ بِزَمَنٍ مُعْتَدِلٍ، وَأَرَادَ أَنْ يُتِمّ غُسْلَهُ (جَدَّدَ لِإِتْمَامِهِ نِيَّةً وُجُوبًا) لِانْقِطَاعِ النِّيَّةِ بِفَوَاتِ الْمُوَالَاةِ، فَيَقَعُ غُسْلُ مَا بَقِيَ بِدُونِ نِيَّةٍ. انتهى.

فإن كنت حين توضأت نويت رفع الحدث مطلقًا، أو نويت استباحة الصلاة؛ فإن وضوءك هذا، واستنشاقك فيه، يجزئك عن الاستنشاق الواجب في الغسل.

وأما إن كنت نويت رفع الحدث الأصغر فحسب؛ لم يرتفع بذلك حدثك الأكبر، ولزمك -على قول الحنابلة- إعادة الاستنشاق بنية رفع الحدث الأكبر، قال البهوتي أيضًا: (أو) نوى (رفع الحدث وأطلق) فلم يقيده بالأكبر، ولا بالأصغر، أجزأ عنهما؛ لشمول الحدث لهما. (أو) نوى (استباحة الصلاة، أَوْ) نَوَى (أَمْرًا لَا يُبَاحُ إلَّا بِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ، كَمَسِّ مُصْحَفٍ) وَطَوَافٍ (أَجْزَأَ عَنْهُمَا) لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ رَفْعَهُمَا (وَسَقَطَ التَّرْتِيبُ، وَالْمُوَالَاةُ) لِدُخُولِ الْوُضُوءِ فِي الْغُسْلِ، فَصَارَ الْحُكْمُ لِلْغُسْلِ، كَالْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ. إلى أن قال: (وَإِنْ نَوَى) الْجُنُبُ، وَنَحْوُهُ (أَحَدَهُمَا) أَيْ: نَوَى رَفْعَ أَحَدِ الْحَدَثَيْنِ: الْأَكْبَرِ، أَوْ الْأَصْغَرِ (لَمْ يَرْتَفِعْ غَيْرُهُ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى. اهـ.

فهذا تحرير مذهب الحنابلة في المسألة؛ إذ يظهر من سؤالك أنك استشكلت ما فعلته؛ بناء على قواعد مذهبهم.

وأما على القول الأول الذي قدمناه -وهو سنية الاستنشاق والمضمضة في الغسل-؛ فلا إشكال، وطهارتك صحيحة -والحمد لله-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني