الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أساليب ودرجات صلة الأرحام

السؤال

هلّا تدلوني على طريقة لتحمل صلة الرّحم بالأخص من ناحية والدِي، وأنا أقصد أعمامي وعماتي، الأمر شاق عليّ، فأنا انطوائي، ولا أجيد التعامل مع الناس كثيرا، أريد الحد الأدنى من صلة الرحم. أي ما هي الفترة التي لا يجب أن أزيد عليها في تركهم، وهكذا؟
ولا تخبروني حسب العرف؛ لأني لا أفهم العرف عندنا، فأبي مثلا لا يزور عماتي إلّا في الأعياد، ونادرا ما يحدث غير ذلك، وليس هناك صورة واضحة للحد في هذه الطاعة.
لو زرت أنا جدتي على سبيل المثال أظل صامتا لفترة، أو أقوم بالكلام في مواضيع تافهة، حتى لا أبقى صامتا، وهذا ما يتحدثون هم به، لو تكلمت في الدّين، أو التاريخ، أو السياسة، فلا أحد يهتم، وأظل أنا فقط من يتكلم، كما أني لا أحب أيًّا منهم، لا أكرههم بالضرورة، ولكني لا أحبهم. وليس هناك دافع للتواصل معهم، والأمر صعب عليّ أن أزور بعضهم خصوصا عمّاتي، وخصوصا أن أهلي أنفسهم لا يقومون بالزيارة.
هذا فضلًا عن أن نسبة كبيرة من رحمي عندهم منكرات كبيرة مثل: ترك الصلاة، والغيبة، والنميمة، أو قول ألفاظ كفرية، أو مشبوهة في النكات وغيرها، ولو نصحتهم لا يستمعون، حتى أن بعضهم يسخر مني؛ لأني أصلي، ومتدين في نظرهم. مجددا ليس جميعهم هكذا.
أنا قرأت الأحاديث، ووعيد الله بالعقوبة في الدنيا، مع ما ينتظر في الآخرة. وأنا خائف من ذلك، خصوصا أني أمر بضيق منذ فترة، وأخاف أن يكون هذا ضمن العقاب الذي توعد به الله، أنا لا أريد ذلك نهائيا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن من أعظم ما يعينك على تحمل ذوي رحمك أن تستحضر فضل صلة الرحم، وتتدبر النصوص الواردة في ذلك. وراجع في فضل صلة الرحم الفتوى: 76678. وإن مما يعينك أيضا أن تكون صلتك لهم ابتغاء مرضاة الله.

روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم، ويقطعوني؛ وأحسن إليهم، ويسيئون إليّ؛ وأحلم عنهم، ويجهلون عليّ. فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك.

ولا ينبغي أن تكون الانطوائية مانعا لك من صلة رحمك، وهي -أي الانطوائية- أمر عارض يمكن علاجه، والتخلص منه، بالاستعانة بالله أولا، ثم الاستعانة بأهل الاختصاص.

وفي موقعنا قسم للاستشارات النفسية، يمكنك مراسلتهم، والاستفادة من توجيهاتهم، وهو على هذا الرابط:

https://islamweb.net/ar/consult/

ولم يرد في الشرع تحديد مدة معينة إذا لم يصل فيها المرء رحمه كان قطيعة، والصلة تتحقق بكثير من الوسائل غير الزيارة، كالاتصال، وإلقاء السلام، وأنواع الإحسان.

قال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات، بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام، ولو بالسلام.... اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وقال ابن أبي جمرة: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء. والمعنى الجامع: إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر، بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارًا أو فجارًا، فمقاطعتهم في الله هي صلتهم، بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى. اهـ.

ومنها تعلم كيفية صلة الرحم الذين يصدر عنهم فسق أو كفر، ولمزيد الفائدة راجع الفتوى: 335965.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني