الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوصية بجميع المال للزوجة والبنات دون الإخوة لإعانتهنّ على مصاريف الحياة

السؤال

لديّ زوجة، وبنتان صغيرتان، وليس لي أولاد ذكور، وأخشى عليهم الدنيا بعد وفاتي، ولي أخوات ثلاث متزوجات، وليس لديّ إخوة ذكور، ووالدي ووالدتي متوفيان، وليس لديّ ممتلكات، سوى شقة تمليك، وسيارة، ومكافأة نهاية الخدمة من عملي بعد وفاتي، فهل يجوز كتابة وصية بأن تكون الشقة والسيارة والمكافأة لزوجتي وبناتي فقط؛ لإعانتهم على مصاريف الحياة؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس لك أن توصي بشيء من مالك لزوجتك وبناتك بعد مماتك؛ لأن هذه وصية لوارث، وهي ممنوعة شرعًا، ومحرمة، كما بيناه في فتاوى سابقة.

وإذا أوصيت بها، فإنها لا تنفذ إلا برضا بقية الورثة الذين أردت أن تحرمهم من الميراث، جاء في شرح منتهى الإرادات: وَتَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ مِمَّنْ يَرِثُهُ غَيْرُ زَوْجٍ، أَوْ غَيْرُ زَوْجَةٍ، بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَلِوَارِثٍ بِشَيْءٍ نَصًّا، سَوَاءٌ كَانَتْ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ مَرَضِهِ...

وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا لِلْوَارِثِ بِشَيْءٍ؛ فَلِحَدِيثِ: إنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ.

(وَتَصِحُّ) هَذِهِ الْوَصِيَّةُ الْمُحَرَّمَةُ (وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ، رَوَاهُمَا الدَّارَ قُطْنِيُّ. اهـ.

ولا ينبغي أن تحملك شفقتك على زوجتك وبناتك على كُرْه القسمة الشرعية للميراث، أو محاولة الالتفات عليها، وتبديلها بطريقة، أو أخرى؛ فإنها قسمة الله تعالى، والذي هو أرحم الراحمين، وأرحم بزوجتك وبناتك منك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني