الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فسخ الخِطبة من المطلّقة لعدم القدرة على تخيّل حياتها السابقة مع طليقها

السؤال

تعرّفت إلى فتاة مطلقة، وأحببنا بعضنا، وقررت الارتباط بها، وخطبتها من أهلها، وفي بداية التعارف أخبرتني قصتها مع زوجها السابق، وزواجهما الذي دام قرابة السنة، وعن أسباب الطلاق، والتي من ضمنها أنه كان يعاني من عجز جنسي، وأنه لم توجد بينهما علاقة جنسية إلا مرة واحدة، ولم يقع فيها الإيلاج، وقد أخبرتني أنها تعتقد أنها لا زالت عذراء.
كنت سعيدًا جدًّا بوجودها في حياتي، فقد وجدت فيها كل صفات الفتاة التي انتظرتها طوال حياتي، وهذه الفرحة لم تدم طويلًا، فبعد قرابة الشهر من خطبتنا، وخلال حديث لنا صارحتني أنه نزل دم منها أثناء تلك العلاقة الجنسية مع طليقها، كما علمت أيضًا أن طليقها قد تزوّج بعد مدة قصيرة من طلاقهما، وقد أنجب كذلك، ومنذ ذلك الحين انقلبت سعادتي إلى كابوس، ينغّص عليّ حياتي ليلًا ونهارًا، وأصبحت أفكّر كثيرًا في طليقها، وأتخيّل حياتهما الزوجية، وخاصة العلاقة الحميمية، وهذا الشيء أتعبني كثيرًا، وأرّقني حتى في نومي.
أحسست أني غير مستعد ذهنيًّا لزواجنا الذي حدّدنا تاريخًا قريبًا له، وأعلمتها أني أريد تأجيل الزواج، وهذا الشيء أغضبها هي وعائلتها، وأصبحوا يشكّكون في حبّي، ونيتي الصادقة تجاه ابنتهم، ويصرّحون أني كنت أريد التلاعب بابنتهم، وتمضية الوقت فقط لا غير.
أنا من ناحيتي أتألّم، وأعذرهم إلى حدّ ما؛ لأني لم أطلعهم على التفاصيل التي ذكرتَها، ولا أستطيع ذلك، وكل هذا أدّى إلى تعكّر الأمور كلها؛ مما جعلني أقطع العلاقة، وألغي الزواج، فهل كسرت خاطرها، وظلمتها؟ خصوصًا أنها كانت واثقة جدًّا مني؛ فقد كنت بالنسبة لها كل الأمل، والحياة.
أنا الآن في حيرة من أمري، وازدادت حيرتي بعد أن قرأت إجابتين مختلفتين عن نفس الموضوع المطروح في كل من: الاستشارة: 2466465، والاستشارة: 2165020.
أرجو النصيحة والتوجيه؛ لأني تعبت بين قلبي الذي يحبّها، وعقلي الذي لا يهدأ أبدًا من التفكير، وضميري الذي أنهكني في إمكانية ظلمي للفتاة بالتخلّي عنها، وعدم الوفاء بوعدي لها، وفي نفس الوقت خوفي من عدم قدرتي على إسعادها إن تزوجنا؛ ومن ثم ظلمي لها مرة أخرى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فننبهك أولًا إلى أنّ التعارف بين الشباب والفتيات -ولو كان بغرض الزواج-، وما يعرف بعلاقات الحب بينهما؛ كل ذلك باب فتنة، وذريعة شر وفساد.

كما أنّ الخاطب أجنبيّ من المخطوبة، ما دام لم يعقد عليها العقد الشرعي، شأنه معها شأن الرجال الأجانب؛ فلا يجوز أن يخلو بها، أو يغازلها، ويبادلها كلام الحب، أو يسترسلا في الكلام بغير حاجة، فضلًا عن الكلام عن المعاشرة الزوجية؛ فكل ذلك منكر، وراجع الفتويين: 430774، 331168.

واعلم أن الزواج من امرأة مطلقة لا حرج فيه، بل ربما كان أولى في بعض الأحوال، وانظر الفتوى: 146101.

فإن كانت المرأة مَرْضيّة الدِّين والخُلُق؛ فنصيحتنا لك أن ترجع لخِطبتها، ولا تتركها، وتوكّل على الله، ولا تتردد، ودع عنك الوساوس والأوهام.

أمّا إذا وجدت نفسك غير راغب في الزواج من تلك المرأة، وتريد الزواج من بِكْر؛ فلا حرج عليك.

ولست آثمًا -إن شاء الله-، ولا ظالمًا للمرأة بفسخ خِطبتها؛ ففسخ الخطبة لمسوّغ، مباح لا حرج فيه، وراجع الفتوى: 65050.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني